فوفق المعلومات، أبلغ الوزير عبد العاطي الحاضرين أن مصر تمتلك معطيات دقيقة لا تحليلات ولا تقديرات سياسية، تشير إلى خطر حقيقي بضربة إسرائيلية موسّعة على لبنان. وأكّد لهم أن ما يقوله يستند إلى معلومات واستخبارات ووقائع تتابعها القاهرة عن قرب.
وخلال جولة الوزير المصري على الرؤساء الثلاثة، لُوحظ أن الأجواء التي رافقت لقاءاته كانت سلبية، ما يعكس تعقيداً كبيراً في الملف وغياب أي قابلية جدية لاحتواء التصعيد.
غير أن المؤشر الأخطر، بحسب مصادر مطلعة، هو غياب مدير المخابرات المصرية عن هذه الزيارة. فالرجل كان قد زار بيروت قبل أسابيع وطرح مبادرة مصرية، وغيابه الآن يعني أنّ باب الحلّ غير مفتوح، لأن أي تسوية من هذا النوع تُطبخ عادة عبر قنوات المخابرات، لا عبر وزراء الخارجية.
وهذا الغياب يُقرأ في القاهرة وبيروت على أنه إشارة إلى أن إسرائيل لا تتعامل مع الملف من زاوية الحل، بل من زاوية التحضير لمواجهة.
وخلال العشاء، أبلغ الوزير عبد العاطي النواب أنّ مصر التقطت الإشارة الإسرائيلية مبكراً، فسارعت إلى التواصل مع الدول المعنية، ومع لبنان تحديداً، عبر الرؤساء الثلاثة، جوزيف عون، نبيه برّي، ونواف سلام، في محاولة لطرح مبادرة تمنع الانزلاق إلى حرب واسعة، لكن من دون أي ضمانة حتى اللحظة بأنّ إسرائيل ستتراجع عن خيار التصعيد.
في المحصلة، ما حمله الوزير المصري إلى بيروت لا يشبه زيارات المجاملات ولا وساطات رفع العتب. إنّه إنذار مبكر من دولة تدرك جيدًا كيف تُصنع الحروب وكيف تُمنع. ومع غياب قنوات الحلّ، وتعطّل الوساطات، وتزايد الإشارات المقلقة، يبدو أنّ لبنان يقف اليوم أمام لحظة مفصلية، إمّا احتواءٌ سريع، أو انزلاقٌ إلى مواجهة لا يريدها ولا يستطيع تحمّلها. وما جرى في السفارة المصرية ليس سوى رسالة أخيرة قبل العتمة.