التحري

الأربعاء 17 تشرين الثاني 2021 - 20:49

شعار المرحلة في وزارة الخارجية: "إعمل نفسك ميّت"... قرصنة بيانات المقترعين في السفارات والاتصال بهم على قدم وساق!

placeholder

مريم مجدولين اللحام - التحري

لم يكن في وسع ثورةٍ لبنانية، طعنها الإنهاك الاقتصادي الذي نبت في حوافّها، غير الاعتماد على معركة انتخابية قادمة يخوضها السياديون التغييريون ضد منظومةٍ تقبض على مفاصل الدولة ووزارتي الخارجية والداخلية... وحتى على "داتا" المغتربين فيها بشكل يضمن "عدم شفافية العملية" ويفتح الباب أمام تعطيل قدرة المعارضين على الإدلاء بأصواتهم لاحقاً بخاصة أن تسجيل الناخبين هو إحدى المراحل "التقنية" التي توفر فرصاً كبيرة للتلاعب في نتائج الانتخابات.

على الطريقة اللبنانية، باتصال صغير مقتضب، وأسئلة موجّهة مدروسة، يُغربَل الناخبون، وتوجهاتهم من قبل الجهة المتصلة... ومن ثم توزع أسماءهم بين قائمتين "معارضة وموالاة"، ليتم اعتماداً عليها بعد ذلك، إما لمحاولة تغيير التوجهات أو لعرقلة عملية الاقتراع بشتى الوسائل المتاحة.

في التفاصيل، تفاجأ كل لبناني تسجل للإقتراع في سفارته الأم خارج لبنان بإتصالات مباشرة، من قبل جهتين أولهما: التيار الوطني الحر وثانيهما أشخاص يدعون أنهم يتبعون للوبي تغييري. بعدها حاولت الجهتان الاستقصاء عن وجهة تصويتهم وجمع بعض المعلومات الخاصة عنهم وتفاصيل المفترض أنها "محمية بموجب القانون".
لا بل حاول المتصلون تقديم بعض الحوافز (بنكهة الرشوى البسيطة) مثل النقل إلى مواقع التسجيل أو وعود بفوائد للمنطقة في حالة فوزهم في الانتخابات كما تشجيعهم على التسجيل في الدوائر الانتخابية التي لا يقيمون فيها، أو التسجيل حتى لو كانوا غير مؤهلين للتصويت (مثلا مشاكل في الفيزا "بتتزبط ابعتلنا اوراقك لنتصرّف").

استخدم المتصلون أرقاما محلية او أرقاما لبنانية وفي بعض الأحيان أسماء مزيفة. يد طولى امتدت من قبل هؤلاء على معلومات خاصة يعود مهمة حمايتها ومعاقبة من يسربها للدولة اللبنانية. معلومات اللبناني، وعنوان سكنه، باتت بمتناول الأحزاب. أمانات الدولة منتهكة وبأريحية.

والأدعى، أو الأوجب، في مسألة محاولة القبض على مفاتيح العملية الانتخابية في "الإنتشار"، أن يتحرّك القضاء اللبناني والمدعين العامين "الغيارى على الوطن ومؤسساته" ونمور وأسود القانون ممن يتنطحون بمبادرات فردية، ناصعة العفوية، لكف يد القاضي بيطار عن ملف تفجير مرفأ بيروت، ليؤدّوا وظيفتهم الأساس في تطبيق المواد 357 من قانون العقوبات أو نص المادة 5 من قانون الوصول إلى المعلومات أو نص المادة 2 من قانون حماية البيانات الشخصية أو مواد قانون "المعاملات الإلكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي" رقم 81/2018، والعمل على حماية خصوصية المواطنين/ات وحماية بياناتهم/ن، بدلاً من العمل على تجريم الخطاب على الويب وتشريع الرقابة القمعية. علّهم لمرة واحدة، يتولون العدالة ممثلة بأجهزة تنفيذيةٍ مختصّة، تعمل على إحقاق القصاص المستحقّ في من أقدموا على هذه الفعلة المُدانة، ومن خطّطوا لها، ومن وراءهم.

إلا أننا في لبنان. والقانون يبدو بصراحة "حكي جرائد".

حق وصول الشعب إلى معلومات صرف أموالهم العامة مقيّض. أما جرم وصول التيارات والأحزاب الحاكمة إلى معلومات المواطن الخاصة سهل ومتاح ومشرّع الأبواب. القاعدة مقلوبة هنا. الجرم مسموح والحق "مأكول".

يقبع المواطن اللبناني في الاغتراب رهن قراصنة رصد وانتهاك خصوصيتهم، بياناتهم في "متناول الجمهور" مما قد يعرض سلامتهم للخطر بسبب الكشف العلني عن عناوينهم ووضهم العائلي، ليس فقط أرقامهم الهاتفية.

كل ذلك، من دون موافقتهم وإذنهم في عملية فادحة لم يعلّق عليها حتى الساعة ووزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب الذي يأخذ وضعية "الساهي" عن هذا الأمر، في الوقت الذي تم التسريب فيه من سفارات يُفترض أنها تحت "إشرافه".

"إعمل نفسك ميّت" هو شعار المرحلة في وزارة الخارجية. بيد أن كل ما يحدث ما هو إلا اتجاراً بخصوصية الناس، وخرقاً القانون، ومد حبال التأثير، والرشاوى ورفع حظوظ الأحزاب الميسورة انتخابياً.

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة