التحري

الثلاثاء 15 شباط 2022 - 18:28

"لنقابة عصرية": 12 فناناً وفنانة يخوضون انتخابات نقابة ممثلي المسرح والسينما والإذاعة والتلفزيون في لبنان نحو التغيير النقابي

placeholder

فتات عياد - التحري

بات استرجاع العمل النقابي في لبنان "لزاماً" لتحصيل حقوق العاملين. وليس الفنانون بعيدون عن المشهد، سواء لناحية تأثرهم بأزمات البلاد الاقتصادية والاجتماعية كجزء لا يتجزأ من المجتمع اللبناني، أو لناحية معاناتهم منذ زمن طويل على مستوى حقوقهم غير المصانة في إطار نقابي. وبما أنّ روح التغيير ما عادت مرتبطة بالوجوه وحسب، بل بالنهج والأداء، يخوض 12 فنانا وفنانة معركة انتخابات نقابة ممثلي المسرح والسينما والإذاعة والتلفزيون في لبنان الأحد المقبل، لنقابة "تواكب طموحات الممثلين وتطلعاتهم فيما يخص مهنتهم".


وعانى الممثلون في لبنان كثيراً على مستوى انعدام ضمان الشيخوخة. حتى بات العمل في التمثيل "مغامرة" مستقبلها مجهول، و"البهدلة ع كبر" لقامات من الممثلين تشهد، وتكريم الدولة لفنانيها بعد وفاتهم، باتت "إهانة" لهم أكثر مما هي "تكريم"!

وفي حين أن مجلس النقابة السابق يعلن ترشيح مرشحيه "التقليديين" في الساعات القليلة المقبلة، فإنّ لائحة "لنقابة عصرية" تخوض المعركة ببرنامج مؤلف من 13 بنداً.

فما هي أبرز تلك البنود، وما هي هواجس الفنانين لنقابة تمثلهم خير تمثيل؟ وماذا عن روحية المعركة وأهميتها على لسان المرشحين؟


المرشحون وإقرار قانون النقابة

والمرشحون على لائحة "لنقابة عصرية" هم الفنانون: أنجو ريحان، بديع أبو شقرا، بولين حداد، رانية مروّة، سليم علاء الدين، ضياء منصور، طلال الجردي، عبدو شاهين، فيصل الأسطواني، كريستيل خضر، كميل يوسف ومحمد عقيل.
ومن أبرز البنود التي يتعهد المرشحون بالعمل عليها في حال فوزهم، هو إقرار قانون النقابة لتصبح خارج وصاية وزارة الثقافة. وكذلك المكننة وحصر عقود عمل الممثلين والممثلات بالنقابة والدفاع عنهم أمام المراجع القضائية والامنية والادارية، والحرص على استيفائهم حقوقهم من أعمالهم ودخولهم جميعهم في الضمان الاجتماعي وضمان الشيخوخة....


محمد عقيل: لاسترجاع روحية العمل النقابي

وللتوقف أكثر عند برنامج "لنقابة عصرية"، كان لنا حديث مع الممثل محمد عقيل، الذي وصف ركود العمل النقابي بالقول "نقابة الممثلين بخبر كان وعصر غير عصر"، ونحن "مجموعة من المتحمسين قررنا خوض المعركة الانتخابية لاسترجاع روحية العمل النقابي الذي تأسست على أساسه النقابة، وتحصيل حقوق الفنان، ورعايته، وايجاد المكان المناسب له ليعمل، ووضع كوتا لشركات الانتاج على نسبة الهواة المشاركين في الطاقم الفني، وهو أحد أهم أهداف غالبية النقابيين والمتخرجين".
"ولا أحد منا يريد الترشح لدورة ثانية في حال فوزنا"، يؤكد عقيل "فهدفنا الأساسي هو تكريس أسس نقابة عصرية تليق بالممثلين خاصة الشباب، لنسلمهم إياها بعد 4 سنوات، ويتمكنوا هم من الترشح فيها بعد أن يكون أكبر عدد منهم قد انتسب إليها".

ويعطي عقيل مثالاً بسيطاً عن فشل كل النقابات التي تعاقبت في مواكبة العصر "فشركات الإنتاج إن قررت البحث عن ممثل عضو في النقابة لأداء دور معين، من خلال النقابة"، لن تحصل إلا "على كتيّب لنا، صورتنا المرفقة فيه مأخوذة لنا منذ انتسابنا للنقابة أي منذ عقود، وحتى نحن أنفسنا لا نعرف صورنا تلك".

وفي عصر التكنولوجيا "لا بدّ من منصة عصرية تطلقها النقابة، وتضم جميع أعضائها، وتعرض نبذة عن حياتهم المهنية وأعمالهم ومقتطفات منها، حيث يصبح كل شيء متاحاً لشركات الانتاج بكبسة زر ما يسهّل وصولها للفنان الذي يتطلبه الدور".

لنقابة جامعة لعامليها

لكنّ التطور التكنولوجيّ وحده لا يكفي "إذ لا تضم النقابة اليوم سوى 400 ممثل فقط لا غير، بينما آلاف الممثلين وخريجي معاهد الفنون خارجها، وهم بغالبيتهم لا يؤمنون بالنقابة، وهدفنا اليوم تحفيزهم للانضمام إليها، من خلال برنامج مؤلف من 13 بنداً سنعمل عليه مباشرة في حال تمكّنا من الفوز.
من هنا، انبثقت هذه البنود عن لقاءات مع مجموعة كبيرة من الممثلين الشباب الذين ما زالوا يدرسون وكذلك الخريجين والممثلين من خارج النقابة وداخلها. وهذه البنود هي خلاصة ما يتمناه العاملون في السينما والمسرح والتلفزيون من نقابتهم، لتمثلهم خير تمثيل وتضمن حقوقهم.

أما على مستوى الأداء النقابي، "فالخروج من وصاية الوزارات عبر إقرار قانون النقابة أمر أساسي، لعمل نقابي متحضر يجعل النقابة تشارك بقضايا الممثل أولاً والمهنة ثانياً والمجتمع ثالثاً"، يقول عقيل.
فمجالس النقابات التي تعاقبت بشكل كلاسيكي وتقليدي، عملها كان محكوماً بـ "التكاسل" وعدم المواجهة مع الذين يجب ان تتم مواجهتم لتحصيل حقوق الممثل والفنان، حتى باتت المجالس تراعي التوزيع الطائفي والمناخ السياسي العام ولا تتصادم مع المسؤولين لتحقيق المطالب النقابية، ما يتنافى والعمل النقابي. من هنا "نحن لن نتوقف عند المحاصصة والتوزيع الطائفي، ولم نتوقف عليهم حتى في تركيبة لائحتنا، فنحن "ناس بدا تشتغل دون مراعاة أو محاباة لأحد على حساب حقوق الفنانين"، يؤكد عقيل.

بديع أبو شقرا: لتغيير النمط السائد

نسأل الممثل بديع أبو شقرا عن تركيبة ائتلاف "لنقابة عصرية"، التغييرية بحد ذاتها، ليجيب بأن "المعايير الطائفية الاستنسابية غير موجودة في قاموسنا ونرفضها إلى أقصى الحدود لدرجة أنه إذا وجد ولو معيار واحد منها فأنا شخصياً أقدم استقالتي، وهذا الأمر محسوم لدينا".

أما خوضنا المعركة بنفس تغييري "فمحاولة منا لتغيير النمط السائد بالعمل التقليدي المتعارف عليه منذ 40 سنة لليوم في النقابة دون أي تطور يذكر". في السياق، لا يلوم أبو شقرا "أشخاصاً بعينهم" بل هو "الأداء السائد"، فالنقيب الحالي نعمة بدوي "هو أب لنا، ولا شرخ بيننا ونحن نعمل سوياً". ومع هذا، "أنا شخصياً مع عدم التشطيب باللوائح حتى في لائحة الخصم لأنه يؤدي لنوع من التوافق، والتوافق في لبنان خبرناه ولا ينفع، فالأفضل أن تربح لائحة بوجهي وتنفذ مشروعها وأحاسبها على المشروع على أن يصبح المجلس عبارة عن توافق هجين لا يكتب لمشاريعه النجاح".

وعلى مستوى الاختلاف في الأداء، يشير أبو شقرا إلى "كسرنا الجو التقليدي السائد على قاعدة أنه -ما بدنا نزعّل الجهات الرسمية لنقدر ناخد منن يللي بدنا ياه- ونستحصل منهم على القوانين". هنا، يشدد على أنه "نحن لسنا هكذا"، وقد وصلنا لمرحلة في البلد "بدنا نزعّل المسؤول.. لننتزع حقوقنا"، عوض أن "نحصل عليها بزيارة ترضية له من هنا أو وساطة من هناك"، فهذا "حقنا ومن حقنا تحصيله دون منة من أحد".

وفي سياق الاختلافات بالتوجهات كذلك، يلفت إلى "خطوط حمر لا نحيد عنها". وهي "حرية الرأي والعمل الفني، وهي حرية مقدسة، فالفن والرقابة لا يلتقيان. إذ لا يمكن ان يكون عليه رقابة من أي جهة، والرقابة الوحيدة هي الجمهور ومناقبية الفنان".

ويركّز كذلك على "تفعيل عمل اللجان، لتصبح أكثر فاعلية من مجلس النقابة، عبر مكننة تواكب العصر"، فضمان الشيخوخة على سبيل المثال، "لا نريده شعاراً في برنامجنا، أما تحقيقه فيحتاج للجان فاعلة تضع أسساً وتضغط لتطبيقه".

الوجه الحضاري الحقيقي للبنان

ومشاركتنا في المعركة الانتخابية إذ تنبثق من "حرصنا على حقوقنا وحقوق زملائنا"، نتوقف عند ضرورة إقرار قانون النقابة، فهي حائزة على العلم والخبر، وعملها أشبه بجمعية منه إلى نقابة، سيما وأنّها تحت وصاية وزارة الثقافة. من هنا، ضرورة "الانتقال لإقرار قانون إنشاء النقابة"، لأنه "هيك ما فينا نكفي". وتفعيل العمل النقابي "يمكّن نقابتنا من استعادة دورها كواجهة ثقافية للبلد لقطاع انتاج سينمائي وصل للأوسكار، وانتاج تلفزيوني وصل لأقاصي العالم العربي، وإنتاج مسرحي وصل لأوروبا واليابان".
ويدرك أبو شقرا أن الجهات الرسمية "آخر هم لديها الوجه الحضاري الحقيقي للبنان، لكن القطاع الفني قطاع انتاج يغطي 9% من الدخل القومي إذا تطور بشكل فاعل، ما يتيح للبنان أن يكون استوديو كبير للعالم العربي".
في السياق، يدعو "كل الممثلين لتسديد اشتراكاتهم لينتخبوا لصالحهم والصالح العام، فهذا واجب وطني لتحصيل حقوق العمال. في ظل غياب وتجاهل تام للدولة لهذا القطاع". أما تكريم الفنان بعد موته فـ "ما بيطعمي خبز"، وتكريمنا هو بإقرار قانون النقابة.

طلال الجردي: الفنانون دوماً في صف الشعب

نسأل المرشح والممثل طلال الجردي عما إذا كانت الحالة الثورية في البلاد أدت لهذه الروح التغييرية في نقابة الممثلين، ليجيب بأنه "ربما كان لها تأثير لناحية السعي لنقابة مستقلة، وهو ما يجب أن تقوم عليه النقابات بعيدا عن أي تجاذب طائفي أو سياسي، فكيف الحال بنقابة للفنانين، وهم "فنانون" أولا وأخيرا.
وبرأي الجردي الشخصي "بحياته الفنان ما كان موالي إلا للشعب، "فقضيته دوماً كانت التصويب على الشوائب في المجتمع والنظام والاقتصاد من خلال الأعمال التي يقوم بها". والفنانون في صف الشعب، "دائما ابدا وهكذا يقول التاريخ فقضايا الشعب هي قضايا الفنان، فالفن مرآة للمجتمع. وإن كان في لبنان استثناءات فهو لأن موزاييك لبنان غريب عجيب".

أما كلائحة "لنقابة ثورية"، فيؤكد أننا "لن نلزم اي عضو بخيار وطني او سياسي"، فعملنا "نقابي، وسقفنا مرتفع بالمطالب، لكنه سقف عادي، ونحن حقيقة رفع السقف على أنفسنا لأن القضية كبيرة وتحصيل كل هذه النقاط يعطي للفنان حقه بالحياة كما الممات وأثناء مزاولة المهنة وحين يكبر بالعمر، ليتمتع بحياة لائقة ولا يحتاج المعونة".

الإرتقاء بالأداء النقابي... الإرتقاء بالفنّ

وخطورة عدم وضع قانون للنقابة وكوتا للمنتجين على صعيد نسبة الهواة في أعمالهم، "يخفض من مستوى العمل الفني". كما أن والأعمال الفنية "يجب أن تواكب المشاكل الاجتماعية وتضيء عليها"، يقول عقيل، و"كلما تطور العمل النقابي، كلما استطاعت هذه الأعمال، عكس صورة المجتمع بحرفية ومصداقية أكبر".
من جهته، يرى أبو شقرا أن "الفن هو حالة تعبير مغلّفة بشكل جمالي، وهي تعكس الواقع، وليس للفنان دور توعوي بل تظهير الحقيقة ووجهة نظره، وليست مشكلة الفن إذا زعل فلان أو زعلت الطائفة أو العيلة..."، فتدوير الزوايا "ما بيمشي بالفن". من هنا "الارتقاء بالفنّ يعني حمايته من كافة أشكال الرقابة".

ولعلّ من الجدير الذكر أن ائتلاف "لنقابة عصرية" وعد بالمباشرة بالعمل على بنود برنامجه "فور فوزه"، ووضع نفسه "بتصرف الزملاء والزميلات كافة" إيماناً منه بمبدأ المحاسبة. فهل يحاسِب النقابيون ويجرّبون خياراً لم يعهدوه من قبل؟ سيما وأنّه حان الوقت ليحتمي الفنان اللبناني بنقابته، بعد عهد طويل من استهتار الدولة بحقوقه، وبفنه؟!

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة