placeholder

نداء الوطن
الاثنين 28 آذار 2022 - 10:55 نداء الوطن
placeholder

نداء الوطن

الكك: يبدأ الحل بدخول مغارة مصرف لبنان

placeholder

منير يونس

في مشروع قانون الكابيتال كونترول كما هو مطروح امام المجلس النيابي حالياً استمرار للتعدي على حقوق المودعين، كما تؤكد الخبيرة القانونية والرئيسة التنفيذية لمؤسسة Jursiscale الدكتورة سابين الكك. وفي حوار مع "نداء الوطن" تضيف انه لم تقدم حتى الآن اي مسودة كابيتال كونترول جدية بهدف اقرارها فعلياً، بدليل المخالفات المباشرة وغير المباشرة التي تحملها لتحقيق هدف وحيد منها: إعفاء المسؤولين عن كل الأزمة المصرفية. وتجزم بأن الكابيتال كونترول بمفهوم السلطة يختلف عنه بمفهوم صندوق النقد كتقنية مالية لاستعادة التوازن بعجز الميزان التجاري، وان ما تحققه تقنية القيود على حركة رأس المال ليست كما يشاع للناس بانها حل للأزمة المصرفية. الى ذلك تشير الى ان هناك هرطقة في اقرار هذا القانون مع الابقاء على السرية المصرفية. وتحذر من شرعنة الاستنسابية في لجنة نص عليها القانون مؤلفة من وزراء وسياسيين.







لا يمكن للمصارف أن تتهرّب من المسؤولية!

على صعيد آخر تطالب بمحاسبة ملاك المصارف بأموالهم الشخصية. وعن اعادة هيكلة القطاع ترى ان ذلك يجب ان يبدأ من مغارة مصرف لبنان. وفي ما يلي نص الحوار:

ما رأيك بمشروع قانون الكابيتال كونترول المطروح في مجلس النواب حالياً؟

مشروع الكابيتال كونترول ليس حلاً بذاته، كما إنه يأتي متأخراً وبمعزل عن أي رؤية وخطة كاملة ضمن حزمة حلول لكل جوانب الأزمة، خطة تعرض على الرأي العام بكل شفافية. فضلاً عن انه من اعداد طبقة سياسية ومالية غير موثوقة.

يأتي المشروع الجديد على نسق مشاريع نصوص سابقة للكابيتال كونترول تحمل افخاخاً. واللافت، لا بل المريب، ان هذا المشروع تؤيده البنوك أكثر من غيرها.

علينا ان نعلم ان ما هو مطروح اليوم يغير وجه النظام المصرفي. التعريفات الآتية في مقدمته تتضمن التباسات كثيرة، لا سيما في تعريف البنوك والحسابات الائتمانية والعمولات والعمليات وقواعد الصرف... نحن امام خروقات اساسية لنظام عمل المصارف. والأسوأ ان هناك تعدياً واضحاً على حقوق المودعين ينبئ باستمرار نهج الاستنزاف فيما لا نسمع الا تطمينات واهية. ثم كيف يمكن تطبيق القانون مع وجود سرية مصرفية؟... انها هرطقة! الى ذلك، هناك ثغرات كثيرة في كيفية ان يثبت المتظلم ان هناك استنسابية في التطبيق لجهة السماح بالتحويل من عدمه. وليس صحيحاً ان الكابيتال كونترول يلغي الاستنسابية لا بل هو يشرعها في إطار قانوني مشوّه.

وفي المشروع صلاحيات توكل الى لجنة مؤلفة من مجموعة وزراء وسياسيين، علما بأن الأمر يحتاج الى لجنة قضائية متخصصة ومستقلة لا يُحتجّ امامها بالسرية المصرفية، وهذا يتطابق مع مطالب صندوق النقد الدولي لهذه الناحية. أما اللجنة، وبحسب المسودة، فمنوط بها صلاحيات تقرير المخالفات والغرامات قيمتها 20% من المبلغ والسؤال هنا لصالح من ستتحول قيمة هذه الغرامة؟ كما ان القانون لخمس سنوات، ما يعني ان طاقماً جديداً أو أكثر سيأتي لاحقاً لإكمال المهمة. ونحن نعرف كيف تجري الامور في لبنان، إذ يعمد كل طاقم الى ادارة الأمور بطريقة مختلفة عمن سبقه. كم من عقلية، أو كم من نهج سيمر على هذه اللجنة لتطبيق هذا القانون في خلال 5 سنوات؟؟ وعلى أي أساس وضعوه ليطبق على مدى 5 سنوات علماً بأن المشروع الذي درس قبل أشهر كان لمدة سنة واحدة فقط؟

اننا نتحدث عن سنوات طويلة متروكة للجنة تقدم أمامها طلبات الإعفاءات والاستثناءات من القيود، بما قد يكرس لها لعب الدور الاستنسابي. تبقى مشكلتنا الأساس في ان السلطة القائمة كما مجلس النواب الحالي والمقبل لن يحيدا عن نفس العقلية المعهودة في ادارة الأمور بمصالح وفساد. كيف يمكن الركون بطمأنينة الى تطبيق قوانين جديدة في ظل طبقة سياسية فاسدة، ونحن نعلم علم اليقين انها لن تطبق الا ما هو في مصلحتها !!

وبين الثغرات ان ملاحقة المصارف تحصل امام الهيئة المصرفية العليا، فيما ملاحقة الناس العاديين امام هذه اللجنة. وهناك عبارة "اذا كانت المخالفة جسيمة ومتكررة"! فكيف يمكن تقدير ذلك؟ كما عبارة "الاحالة الى القضاء المختص"... فما هو الجرم؟ وما النص الذي يجرّم فعل المخالفة؟

ما رأيك ببعض المواد الخاصة بتحويلات الإستيراد والتصدير؟

هذا هو لب الموضوع الذي يريده صندوق النقد الدولي. هنا تكمن اشارات واضحة لتحجيم الاستيراد. ربما كان ذلك صحيحاً، لكن لا نعلم من أجرى دراسة علمية واجتماعية تسمح بضواط لا تخنق الاقتصاد والاستهلاك.

ثم ما الأسس المعتمدة لتقدير استيراد بحجم معين؟ وكيف نعرف على وجه الدقة ماذا نستورد، وماذا نصدر وبأي الأحجام ولماذا؟ وعلى أساس أي خطة اقتصادية انقاذية توضح جدوى سياسة التقنين والضبط تلك؟

كيف يمكن وضع قانون لضبط السحوبات والتحويلات من دون اعادة هيكلة القطاع المصرفي؟

بداية تجدر الاشارة الى ان من يريد اعادة الهيكلة لا يضع بنداً في مشروع الكابيتال كونترول يمنع بموجبه فتح حسابات جديدة. هذا المنع يعني جزئياً تعطيل النظام المصرفي، وبالتالي ما معنى اعادة الهيكلة في هذه الحالة؟

أما مفهوم اعادة الهيكلة فهو مبني على فكرة امكان عودة المصارف الى العمل. ما الفرق بين تصفية مصرف وبين اعادة هيكلته؟ الفرق هو ان الهيكلة تحافظ عليه كمؤسسة ناشطة. والنشاط يعني مردوداً، والمردود يعني ان حقوق المودعين يمكن ان تتجدول بشكل أو بآخر.

على ماذا يعتمد من يؤكد ان المصارف مفلسة؟

لا يمكن الحديث عن افلاس القطاع المصرفي كما يدعي البعض. المطلوب اولاً، وقبل كل شيء، التدقيق في ميزانية كل بنك على حدة. لدينا بنوك بانكشافات أقل من أخرى، وربما هناك بنوك غير منكشفة على مخاطر الديون السيادية وشهادات الإيداع في البنك المركزي مقارنة مع بنوك أخرى شديدة الانكشاف حد التعثر وربما الافلاس ايضاً.

اعادة الهيكلة تعني عدة خيارات بينها: الدمج، بنك يشتري آخر، مستثمر جديد يدخل شارياً، تحويل ودائع الى اسهم (بايل إن)، الفصل بين الأصول او ما يسمى حل البنك الجيد والبنك السيئ.. وغيرها من الصيغ.

للمثال، كيف يمكن اليوم اقناع بنك بشراء الآخر اذا لم يسمح بفتح الدفاتر والتدقيق في الميزانيات ؟

والأهم من ذلك هو: كيف تقنع المودع بأن اعادة الهيكلة هي في مصلحته ؟

لماذا تأخرت عمليات اعادة الهيكلة برأيك؟



ما من أحد يتحدث عن الأساسيات القانونية الواجبة التطبيق منذ الأيام الأولى للأزمة. على مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف مسؤوليات كبيرة، لا سيما على صعيد عدم اجبار البنوك على اعادة تكوين رساميلها بشكل جدي، وليس كما حاول مصرف لبنان في التعميم 154 عندما طلب زيادة الرساميل 20% منها 10% بنقل ملكيات عقارية واعادة تقييمها.

فيما المطلوب هو ضخ أموال جديدة كافية لتحسين مؤشرات الملاءة لتستطيع المصارف اعادة ممارسة نشاطها الائتماني. وهناك أيضاً خيار بيع جزء من الاسهم الى اجانب. فالقطاع مربح والرخص المصرفية تستهوي الكثير من المستثمرين من حول العالم. ولنجاح جذب الرساميل لا بد من سلطات رقابية وتنظيمية موثوقة.

لذا فان أي اعادة هيكلة يجب ان تبدأ من مغارة مصرف لبنان. خلاف ذلك لا اتفاق مع صندوق النقد، ولا يمكن انتظار اعادة هيكلة مصرفية جدية يبنى عليها للمستقبل في هذا القطاع الحيوي للاقتصاد ونموه. كما لا يمكن الوثوق بتطبيق خطة اقتصادية تقوم بجزء اساسي منها على قطاع مصرفي ومالي بلا شفافية كاملة لما حصل فيه وكيف يمكن ان ينهض من جديد.

وعندما نتحدث عن البنك المركزي، فاننا لا نعني فقط رياض سلامة، بل منظومة العمل في مصرف لبنان التي لا ثقة بها ولا بلجنة الرقابة على المصارف، فكيف لهما ان يديرا عملية اعادة الهيكلة كما يجب وهما من أسباب الأزمة؟

هل المطلوب قيام هيئة مصرفية جديدة ترعى إعادة هيكلة القطاع؟

انا ضد قيام هيئات جديدة. بل يجب البدء من مصرف لبنان الذي يحتاج نفسه الى اعادة هيكلة. سبق وطرحت قيام لجنة مستقلة تنشأ بقانون لفترة محدودة وضمن صلاحيات واضحة ترفع تقاريرها لاعادة هيكلة البنك المركزي من خبراء لبنانيين (شرط عدم استلامهم أي مركز عام لفترة معينة) تحت اشراف صندوق النقد الدولي او لجنة بازل... لنستطيع فتح هذه المغارة ومعرفة ما بداخلها وايجاد سبل مالية لإعادة ترميم ما تهدم والأهم المحاسبة والمساءلة.



تنادين دائماً بالمحاسبة... ما المقصود تحديداً؟

يجب ان تحصل محاسبة تطال الثروات الخاصة للمصرفيين وملاك المصارف. ومن يقول ان لا قانون يجبرهم على ذلك، أرد عليه، بثقة، أن لا خروج مما نحن فيه من دون حكم القانون. وعندما اشجع للمودعين على تقديم دعاوى فأنا لا اريد من ذلك، بالضرورة، اقفال البنوك بل اجبارها على الجلوس الى طاولة مفاوضات مع الجهات التي تمثل حقوق المودعين فعلاً وقانوناً.

هل ما يطرح من خطط يأتي وفقاً للقوانين المرعية الإجراء؟

سبق وقلت للعديد ممن شارك في اعداد الخطط، منذ ايام حكومة حسان دياب، أن كل ومعظم ما أعدوه كان من دون معرفة اي اطار قانوني يرعاه. يبنون الخطط من دون معرفة ما اذا كان هناك قانون يرعى ما يطرحون أم لا. لا يعلمون ان بنوداً في خطة ما قد تتطلب تعديلا لجملة قوانين موجودة.

للمثال، من قال ان القوانين المرعية الموجودة لا تسمح بتحويل ودائع الى أسهم ؟ هذا متاح، كما هناك ما يسمح بالدمج والاندماج واعادة الهيكلة واعادة الرسملة.

أقولها وبكل صراحة: اذا كان البنك مفلساً تماماً، فلا فائدة من الكلام عن اعادة الهيكلة. كان يجب بدء الهيكلة في وقت مبكر جداً من عمر الازمة، حتى لا نصل الى الوضع المزري الذي وصلنا اليه.

على اي حال، لدينا القانون 2/67، وقانون انترا الذي أضع له اليوم عنواناً جديداً هو "اعادة هيكلة المصارف" في عملية بين مصرف لبنان والمودعين تحت سلطة ورقابة المحكمة.

لنصل الى جدولة الديون المترتبة على المصرف بما يضمن حقوق الناس، وايجاد طريقة تعويم واعادة رسملة مع مصرف مركزي ناظم قادر على تلبية حاجات السوق والمصارف.

إعادة الهيكلة هي مرحلة تسبق الافلاس ولا تأتي على أثر الافلاس. ما يأتي على أثر الافلاس هو المحاسبة. عندما يجهر المصرفيون على شاشات التلفزة بأنه لم يعد لديهم الأموال لسداد الودائع، لا يبقى اي معنى لاعادة الهيكلة. وما يمكن فعله، سواء الرسملة من جديد أو تحويل ودائع الى اسهم يجب حكماً أن يترافق مع محاسبة ومساءلة اصحاب البنوك وكبار مسؤوليها باموالهم الشخصية. لم يعد مقبولا الكذب على الناس وتضليلها بأن هناك حلولاً وضعت في دول اخرى ويمكن تطبيقها لدينا. نحن امام مرحلة تدقيق وتحديد للخسائر وفق معايير الحوكمة والشفافية برعاية ومتابعة وتنفيذ دولي مستقل، نفتح هذه المغارة ونحاسب ونسائل ثم نبدأ بما يسمى باعادة الهيكلة.

الخسائر التي يحكى عنها في المصارف ليست حقيقية كلها، وليست بالقدر الذي يدعونه. يختبئون وراء أزمة الدولة ومصرف لبنان للخروج بأرباح اكثر مما ربحوا سابقاً.

يجب ان نرفض بدعة القوانين التي تفصّل حالياً على قياس المصارف والسياسيين. صحيح ان لدينا تشريعات قديمة لكنها أساسية ومرنة قابلة للتكيف مع المستجدات. لا يحب ان نغير القواعد القانونية الأساسية في ظل أزمة ثقة كالتي نحن فيها.

إعادة تكوين الودائع


ان فكرة اعادة تكوين الودائع ليست خرافية بالمعنى الكامل للكلمة كما تقول الدكتورة الكك وتضيف: لكني غير واثقة من انهم يريدونها حقاً. والأصح هو الحديث عن اعادة تكوين الذمة المالية للمصارف. فالودائع هي الجزء الاكبر من المطلوبات في ميزانيات البنوك، وعندما نسمع من مصرفيين ان الودائع لم تعد موجودة، فهذا يعني حكماً ان هذه المصارف فاقدة للسيولة والملاءة معاً.

مشكلة سياسية طائفية في «البايل إن»

يمكن ان نجد مشكلة سياسية في تحويل الودائع الى أسهم في البنوك وفقا للدكتورة الكك: فبعض الودائع الكبيرة مملوكة من طائفة معينة وحصول «بايل إن» قد ينزع الاغلبية من ملاك البنوك الحاليين، ما يثير الكثير من التحفظ والاعتراض في بلد طائفي مثل بلدنا للأسف.

دولار لولار... تحويل لا تحويل

هناك نقاش حول المطروح في مشروع قانون الكابيتال كونترول حول أي الدولارات القابلة للتحويل. وتقول سابين الكك: فما هو موجود في البلاد ليس "فريش دولار" بل ضمن دائرة العمليات الداخلية. وما هو قادم من الخارج من المغتربين ومن عائدات التصدير يعتبر "فريش". هذا يعني اذا أودعنا "كاش" في الحساب فهذا غير قابل للتحويل الى الخارج الا ضمن الحدود التي يقررونها وفقا للقانون الجديد.

وهناك الدولارات المصنفة "لولارات" كما يقول دان قزي، الى جانب النقود (البنكنوت) المتداولة بين أيدي الناس في الداخل، اضافة الى الأموال الآتية من الخارج والقابلة للتحويل مجدداً الى الخارج. هذه هي التصنيفات التي يمكن لصندوق النقد ان يجري عليها "الكونترول" اللازم. بيد ان الالتباسات القائمة كثيرة والتطبيق ليس سهلاً.

لم يعد هناك الكثير من المصالح المشتركة بين سلامة والمصارف

هل صحيح ان علاقة مصرف لبنان بالبنوك وصلت الى مفترق طرق؟ تقول الدكتورة الكك: لم يعد هناك الكثير من التقاء المصالح بينهما. مع اقتراب ساعة الحقيقة، كل طرف يريد الحفاظ على رأسه حالياً.

ليس للمصارف في ذمة الدولة الا سندات اليوروبوندز وسندات الخزينة بالليرة. مشكلتها الأساسية ليست مع الدولة بل مع مصرف لبنان الذي وظفت لديه شهادات الايداع. لكنهم يناورون الآن عبر التهديد بمقاضاة الدولة، لتخويف رياض سلامة بشكل غير مباشر، كما لو انهم يقولون له لن نبقى ساكتين.

المصارف أقوى من سلامة الذي تحول الى الحلقة الأضعف بفعل القضايا ضده. قوة المصارف تكمن في ان الودائع مطلوبة منها وهناك من يخاف محاكمتها ومحاكمة ملاكها لأنهم جزء من تركيبتها ولأن فضح التسليفات غير المشروعة التي قامت بها للنافذين تشكل البند الاساسي في حلقة المحاسبة والمساءلة، فالبعض يروي لنا انه مديون للمصارف ولكنه لا يخبرنا بكم هو مديون. وماذا فعل بهذا المبلغ وما هي الضمانات التي قدمها وهل راعت المصارف الشروط القانونية في ذلك!! ملف التسليفات هو حلقة من سلسلة الفساد المصرفي.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة