ما زالت تتوالى الصفعات الأوكرانيّة والدوليّة والغربيّة والأمميّة، العسكريّة والسياسيّة والاقتصادية والماليّة والتجاريّة والديبلوماسيّة... على وجه موسكو، كان آخرها تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي تضمّ 193 دولة عضواً، على تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان أمس، وذلك بتأييد 93 صوتاً، بينما عارضت 24 دولة هذا التعليق، وهو الثاني في تاريخ الأمم المتحدة بعد قرار حول ليبيا العام 2011، فيما امتنعت 58 دولة عن التصويت.
وبينما اعتبرت موسكو أن تعليق عضويّتها في مجلس حقوق الإنسان هو إجراء "غير قانوني"، مؤكدةً "مواصلة الدفاع عن مصالحها بكلّ السُبل القانونية"، رأى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من بروكسل حيث شارك في اجتماع لوزراء خارجية دول "حلف شمال الأطلسي" أن "البلد الذي يرتكب انتهاكات صارخة ومنهجية لحقوق الإنسان يجب ألّا يكون جزءاً من هيئة مهمّتها حماية هذه الحقوق"، في وقت فرضت فيه "مجموعة السبع" عقوبات اقتصادية جديدة ضدّ روسيا، بينها فرض حظر على كلّ الاستثمارات الجديدة في القطاعات الرئيسية، بما فيها الطاقة.
كما فرضت "مجموعة السبع" عقوبات إضافية على قطاع الدفاع الروسي والنخب المؤيّدة للحرب. وسيُوسّع نطاق الحظر المفروض على تصدير سلع معيّنة إلى روسيا، إضافةً إلى القيود على الواردات من روسيا، فيما ستُشدّد القيود على البنوك الروسية والشركات المملوكة من الحكومة. كذلك، صوّت الكونغرس الأميركي على إنهاء العلاقات التجارية الطبيعية مع موسكو، إذ أقرّ مجلس الشيوخ بالإجماع التشريع الذي ينطبق أيضاً على بيلاروسيا والذي يُمكّن الرئيس جو بايدن من فرض زيادات حادة في التعرفات على الواردات، قبل أن يُصادق عليه مجلس النواب.
وفي الأثناء، كان لافتاً إقرار موسكو بـ"الخسائر الكبيرة" التي مُنيت بها في صفوف جيشها المنتشر في أوكرانيا، حيث قال المتحدّث باسم الكرملين دميتري بيسكوف خلال مقابلة مع قناة "سكاي نيوز" البريطانية: "تكبّدنا خسائر عسكرية كبيرة، إنها مأساة هائلة بالنسبة إلينا"، في حين شدّد وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا على أن كييف بحاجة الآن إلى أسلحة من دول "حلف شمال الأطلسي" لصدّ الهجوم الروسي، أو "سيكون الأوان قد فات"، داعياً بالإلحاح نفسه إلى إنهاء مشتريات النفط والغاز من روسيا.
ومع تراجع القوات الروسية إلى شرق أوكرانيا، حيث يتوقع الغرب هجوماً عسكريّاً كبيراً، حذّر كوليبا قائلاً: "بينما نتحدّث الآن، معركة دونباس مستمرّة"، حتّى لو "لم تصل إلى ذروتها"، فيما كشفت سلطات شرق أوكرانيا أن الأيام المقبلة ستُشكّل بالنسبة إلى المدنيين "الفرصة الأخيرة" لإخلاء المنطقة، محذّرةً من أن الروس "يقطعون كافة مسارات الخروج المحتملة". بالتوازي، كشف المسؤول البارز في "جمهورية دونيتسك" الإنفصالية المعلنة من جانب واحد إدوارد باسورين أنّه من المستحيل معرفة الفترة التي ستحتاج إليها قوات موسكو للسيطرة بشكل كامل على مدينة ماريوبول المحاصرة.
وفي السياق، طالبت منظمة الصحة العالمية بوصول المساعدات الإنسانية إلى ماريوبول، وأدانت مجدّداً الهجمات على النظام الصحي الأوكراني، وقد تمّ تأكيد استهدافه بـ91 هجوماً حتّى الآن. بالتزامن، كشفت رئيسة المفوضية الأوروبّية أورسولا فون دير لايين خلال مؤتمر صحافي في ستوكهولم أنها ستزور كييف اليوم للتعبير عن "الدعم الثابت" لأوكرانيا في حربها ضدّ الغزو الروسي، في حين دعت كييف موسكو إلى "خفض عدوانيّتها" في المفاوضات بعد اتهام روسيا أوكرانيا بالتراجع عن بعض الاقتراحات التي قدّمتها خلال محادثاتهما أواخر آذار في اسطنبول، بينما أوضح وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو أن صور المجازر التي ارتُكبت في بوتشا وإربين قرب كييف "طغت" على المحادثات بين روسيا وأوكرانيا.
وفي جديد مجزرة بوتشا، اعترضت أجهزة الإستخبارات الألمانية اتصالات لاسلكية لجنود روس يتحدّثون فيها عن مقتل مدنيين في البلدة "الشهيدة"، بحسب ما أوردت مجلّة "دير شبيغل"، ما يُمثل أدلّة جديدة تربط قوات موسكو بمصرع العشرات وربّما المئات. ومن بين الإتصالات التي اعتُرضت ما قاله جندي عن تفاصيل قيامه مع فرقته بإطلاق النار على شخص كان على درّاجة، في وقت اعتبر فيه وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث خلال زيارة لبوتشا أن التحقيق في ملابسات المجزرة في البلدة سيكون "الخطوة التالية". وتوجّه غريفيث مع مسؤول في البلدية إلى المقبرة الجماعية التي حفرها الأوكرانيون قرب كنيسة من أجل التعامل مع كمية الجثث الهائلة. كما قام مسعفون أوكرانيون بسحب 26 جثة من تحت أنقاض مبنيَيْن سكنيَيْن تعرّضا للقصف في بوروديانكا، شمال غرب كييف، وفق ما كشفت النائبة العامة الأوكرانية إيرينا فينيديكتوفا.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News