منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، لوّح بعض المسؤولين في موسكو وعلى رأسهم، الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، باستخدام السلاح النووي في مواجهة الغرب، وهي التهديدات التي اعتبرها مراقبون "غير جادة وخادعة"، لكنها تبقى "مرعبة" في حال إقدام موسكو على ذلك.
وتحدث بوتين في مناسبات عدة عن إمكان اللجوء إلى الأسلحة النووية، في إطار الحرب في أوكرانيا، ولا تزال روسيا أكبر قوة نووية مع 5977 رأسًا حربيًا في أوائل عام 2022، بانخفاض 280 عن العام الماضي، وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام سيبري.
وتمتلك روسيا أسلحة نووية منتشرة أو مخزّنة أو تنتظر التفكيك، وفقًا للمعهد الذي قال إن أكثر من 1600 من رؤوس روسيا الحربية جاهزة للإستعمال.
وقال باحثون من معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام إن "عصر نزع الأسلحة يقترب من نهايته وإن خطر حدوث تصعيد نووي هو الآن في أعلى مستوياته في فترة ما بعد الحرب الباردة"، وفقًا لفرانس برس.
وقلّل مراقبون غربيون، من إمكانية اتجاه روسيا لإستخدام السلاح النووي، معتبرين أن احتمالية استخدام تلك الأسلحة "منخفضة للغاية"، لكن مجلة "فورين أفيرز" ترى أن تلك الاحتمالات الضئيلة "مازالت تمثل تهديدا للأمن والسلم العالمي".
وتحذّر " أي بي سي نيوز"، من أن استخدام روسيا للأسلحة النووية قد يمحو مدنًا أوكرانية من على وجه الأرض، ويقتل عشرات الآلاف، ويرسل سحابة من التداعيات النووية فوق دول الناتو في أوروبا الغربية.
وقد تخاطر موسكو بإستخدام سلاحها النووي في محاولة لمنع الهزيمة عن طريق صدمة أوكرانيا وداعميها في الناتو ودفعهم إلى الانسحاب من المعركة، وفقا لـ"فورين أفيرز".
قد يفعل الروس ذلك عن طريق "إطلاق سلاح نووي تكتيكي واحد أو عدد قليل من الأسلحة النووية التكتيكية ضد القوات الأوكرانية أو عن طريق إحداث انفجار رمزي فوق منطقة فارغة".
وقد يدفع ذلك الولايات المتحدة وحلفائها في الناتو إلى الرد عن طريق ثلاثة خيارات وهي "استنكار خطابي للتفجير وعدم التصعيد العسكري أو إطلاق العنان للأسلحة النووية، أو الامتناع عن هجوم نووي مضاد والدخول في حرب مباشرة مع روسيا بضربات جوية تقليدية واسعة النطاق وتعبئة القوات البرية"، وفقًا لـ"فورين أفيرز".
وتحذر المجلة الناتو من "الاعتماد على سياسة موسكو لضبط النفس"، لأن بوتين قد يلجأ للخيار النووي كمخاطرة مقبولة لإنهاء الحرب بشروط روسية.
وتثير تلك الاحتمالية سؤالًا هو الأهم، هل سيؤدي هجوم نووي روسي إلى تحول الناتو من تزويد أوكرانيا بالأسلحة إلى الانخراط مباشرة في القتال؟
تقول "فورين أفيرز"، إن المنطق الروسي لاستخدام الأسلحة النووية التكتيكية قد يكون "تخويف الناتو من دعم كييف عسكريًا، وفي الوقت ذاته إجبار أوكرانيا على الإستسلام".
وإذا أراد الغرب ردع بوتين عن المناورة النووية، فيجب على الحكومات الغربية الإشارة إلى أن الاستخدام روسيا للسلاح النووي من شأنه "استفزاز الناتو"، وفقًا لـ"فورين أفيرز".
يؤكّد مدير مشروع القوات النووية الروسية وزميل أبحاث سابق في معهد موسكو للفيزياء والتكنولوجيا، بافيل بودفيج، أنّ الصواريخ الروسية الباليستية طويلة المدى المنتشرة على الأرض وعلى الغواصات هي الأسلحة النووية الوحيدة المتاحة لـ"الاستخدام الفوري لروسيا"، وفقا لتقرير لصحيفة " ذا أتلانتيك".
وفي الوقت الحالي تبقى احتمالية نشوب حرب نووية، هي الأكبر منذ أزمة "الصواريخ الكوبية" عام 1962، ما يثير التساؤلات عن القرارات التي يجب اتخاذها بعد الضربة النووية الروسية على أوكرانيا التي قد تكون "غير مسبوقة"، وفقًا لـ"ذا اتلانتيك".
عن ذلك السيناريو، تُشير "فورين أفيرز"، إلى إمكانية رد واشنطن وحلفائها بضربات نووية على نطاق أوسع من الهجوم الروسي، مما يهدد موسكو بخسائر "غير متناسبة إذا حاولت اللجوء للمزيد من الهجمات النووية المحدودة".
لكنّ المجلة تشير في الوقت ذاته إلى أن "استخدام الأسلحة النووية ضد أهداف داخل روسيا من شأنه أن يزيد من خطر إشعال حرب غير محدودة"، ما قد يهدد بتدمير شامل لعدة دول غربية.
وترى "فورين أفيرز"، أن الخيار الأقل خطورة سيكون بالرد على هجوم نووي من خلال شن "حملة جوية بالذخائر التقليدية ضد الأهداف العسكرية الروسية وتعبئة القوات البرية للانتشار المحتمل في أوكرانيا".
وبذلك ستواجه روسيا احتمال القتال ضد حلف شمال الأطلسي الذي كان متفوقا بشكل كبير في القوات غير النووية، وسيكون الحلف في الوقت ذاته "مدعوما بقدرات نووية للدول الأعضاء".
تحذر "ذا أتلانتيك"، من "دوامة التصعيد" لصراع محتمل بين الدول النووية، في حال إقدام موسكو على الخيار العسكري.
وفي حال استخدام موسكو لأسلحة نووية، فسيكون للناتو "هدفين متعارضين"، وسيرغب التحالف في "إبطال أي فائدة استراتيجية يمكن أن تجنيها موسكو من استخدام أسلحتها النووية"، وفي الوقت ذاته سيرغب في "تجنب المزيد من التصعيد"، وفقا لفورين أفيرز.
وتؤكد هذه المعضلة على ضرورة "منع موسكو من اللجوء للخيار النووي في المقام الأول"، ولتحقيق ذلك "ينبغي على الناتو حشد الدول التي يريد بوتين منعها من الانضمام للغرب" بالتزامن مع "التأكيد على الانتقام من موسكو" في حال اللجوء للخيار النووي، وفقا للمجلة.
وترفض الصين والهند ودول أخرى الانضمام إلى حملة العقوبات الغربية ضد موسكو، بعد غزوها أوكرانيا، ولكن قد يتم إقناع تلك الدول بالإعلان عن أن "تعاونهم الاقتصادي المستمر مع روسيا مرهون بالامتناع عن استخدام الأسلحة النووية".
وستكون "روسيا معرضة للإنتقام النووي"، في حال الإقدام على استخدام أسلحتها النووية في أوكرانيا، لأنه "لا يوجد منتصر في الحرب النووية"، وفقًا لفورين أفيرز.
ومن جانبه قال بوتين، الخميس، إن موسكو منفتحة على الحوار بشأن "الاستقرار الاستراتيجي وعدم الانتشار النووي"، وفقًا لما نقلته "رويترز".
وعلى الرغم من الغزو الروسي لأوكرانيا، أكّدت كلّا من موسكو وواشنطن "أهمية الحفاظ على الاتصالات بينهما بشأن قضية الأسلحة النووية"، وفقًا للوكالة.
ويُعد البلدان أكبر قوتين نوويتين في العالم على الإطلاق حيث يمتلكان معا ما يقدر بحوالي 11 ألف رأس نووي، وفقًا لـ"رويترز".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News