"ليبانون ديبايت"
تركّز الحركة السياسية في مختلف الطوائف على بذل الجهود لتوحيد المواقف ولمّ شملها. وتأتي في المقدمة، الجهود السنّية التي تبذلها كلٌ من دار الفتوى والسفارة السعودية، رغم التنوّع السياسي الكبير داخل البيئة السنّية والإلتباسات في المواقف والآراء والإيديولوجية الثقافية بين سُنّة 8 آذار وسُنّة 14 آذار، والسُنّة التغييريين، وحتى السُنّة الذين لا يعتبرون أنفسهم ممثّلين للسُنّة.
وفيما لا نحتاج للحديث عن وحدة الصف الشيعي الذي يمثّله الثنائي بقيادة "حزب الله" وحركة "أمل"، من المُلاحظ أيضاً تماسك الموقف الدرزي، أقلّه في تجنّب إظهار أي خلاف بين قيادات الطائفة، وهذا ما يفسّر رفض رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، تسمية أي رئيس للجمهورية الآن، بانتظار بلورة الأمور، ما يجعل من وحدة القيادات الدرزية وتماسكها عند أي إمتحان أمني أو إجتماعي أو اقتصادي، منطقياً، تحت شعار "حماية الجبل وأبناء الجبل".
ومع اقتراب الإستحقاق الرئاسي، تشهد الساحة المسيحية والمارونية تحديداً، إنقساماً حاداً بين قياداتها، يصل إلى حدّ التراشق والشتائم بين قياداتها السياسية. وفي زمن التفاهمات واللقاءات، يُثير غياب أي مسعى للبطريركية المارونية لجمع القيادات المسيحية المارونية، التساؤلات حول الموقف المسيحي الماروني الديني من الإستحقاقات السياسية اللبنانية والتي تهمّ الطائفة المارونية بشكل خاص.
في هذا السياق، يرى الوزير السابق سجعان قزي، القريب من البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، أن "العلاقة بين القيادات السياسية الإسلامية ومرجعياتها الدينية، تختلف عن العلاقة القيادات السياسية المسيحية ومرجعياتها الدينية". وأوضح قزّي ل"ليبانون ديبايت"، أن التمايز "عند الإخوان المسلمين، ضئيلٌ جداً بين السياسيين والمرجعيات الدينية، بينما في المقابل، فإن البطريركية المارونية، لا تتخذ أية مبادرات سياسية كبيرة، إلاّ عندما يكون هناك تقصيرٌ من القيادات السياسية"، ولذلك، من السهل على القيادات الإسلامية أن تجمع الشخصيات السياسية مع بعضها البعض، درزيةً أو شيعيةً أو سنّيةً، بينما لا يستطيع البطريرك الراعي، توجيه الدعوة إلى أحزابٍ متخاصمة مع بعضها حول قضايا عقائدية وخياراتٍ إستراتيجية، لأن الاجتماع سيكون مجرد صورة تذكارية فقط".
واستدرك قزي معتبراً أن "بغضّ النظر عن تقييمي الإيجابي للإجتماعات التي تحصل، لأن كلّ لقاءٍ بحدّ ذاته هو إيجابي، من غير الواضح ما سينتج عنها من مواقف سياسية مشتركة".
وأكد تأييده لكلمة المفتي عبد اللطيف دريان الوطنية، لكنه تساءل عن مدى القدرة على التوافق على تأسيس جبهة، موضحاً أن "كلّ فريق لديه ميلاً سياسياً مختلفاً، والبعض منهم شارك في لقاء دار الفتوى، كي لا يُقال إنه قاطع".
أمّا بالنسبة للبطريرك الماروني، فلاحظ قزي أن "موقعه مختلف، فهو من يلعب الدور الأساسي ويعطي البوصلة ويدلّ على الطريق الصحيح، وهو من يشدّد على انتخاب رئيس للجمهورية، ويدعو إلى احترام الآليات الدستورية، كما يطالب بأن لا يكون سلاحٌ إلاّ سلاح الدولة ويدعو إلى القيام بالإصلاحات". وكشف بأن "البطريرك الراعي، وعوضاً عن توجيه الدعوة إلى اجتماعات فاشلة، يفضّل اللقاءات الثنائية حالياً، على الإجتماعات التي لا تُعطي أية نتيجة".
واستطرد قائلاً إن "حديث المفتي دريان عن إستقلال وسيادة لبنان واتفاق الطائف، وعن أهمية دور الرئيس المسيحي في لبنان والشرق وبأنها خصوصية عالمية، يصبّ باتجاه البحث عن المصالحة وإيجاد أجواء إيجابية، من الممكن أن ترافق إنتخاب رئاسة الجمهورية إذا حصل". لكنه لفت إلى "اجتماعاتٍ أخرى تصبّ في خانة خلق أجواء سلبية وضد حصول انتخاب رئيس للجمهورية".
وعن احتمال تكرار لقاء القيادات المسيحية الرئيس ميشال عون والرئيس أمين الجميل، ورئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع ورئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، قبيل الإستحقاق الرئاسي عام 2016 في بكركي، قال قزي: "إذا طلبوا الإجتماع الآن، سوف يستقبلهم البطريرك الراعي، ولكنه لن يدعوهم من دون اتفاقٍ مسبق بينهم ومن دون ورقة محضّرة".
وخلص إلى التذكير بأن "البطريرك لا يقوم إلاّ بالسعي، وعظة الأحد لم تكن فيها إلاّ المواقف حول الإستحقاق الرئاسي، ولكن ذلك لا يعني أنه إذا دعت بكركي الأحزاب الرئيسية المسيحية، ستحصل الإنتخابات الرئاسية، وإن لم تدعهم، لن تحصل الإنتخابات، وبالعكس، قد يختلفون إذا دعاهم البطريرك، وقد تتراجع حظوظ حصول الإنتخابات".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News