ريمون شاكر
الحقيقة المُحزِنَة هي أنَّ المُحاسبَة للفاسِد عندنا لا وجودَ لها.. وهذه شجّعَت ضِعاف النفوس (ولاسيما بعض المسؤولين: آباء وأبناء وأزلام) على مُمارسةْ الفساد بالصورة التي يريدونها وبالطريقة التي تضمن لهم تحقيق ما يسعون إليه، ما داموا قد ضمنوا غياب المُحاسبَة والعقوبة والقصاص..
ولكن منذ أسبوع، تفاجأنا بمشهدٍ مُختلِف، إذ بدأَ "بعض القضاء" يقوم بعملِه ويُحاسِب.. وهذا فتحَ لنا نافذة الأمل.
المحامية العامة الإستئنافية في جبل لبنان القاضية نازك الخطيب، توقِف المدير العام لهيئة إدارة السير بالتكليف هدى سلوم، على خلفيّة تحقيقات وأدِلّة مثبّتة حول إثراء غير مشروع من خلال قبض الرشاوى ووجود فساد مُنظَّم ومُمنهَج...
كما ادّعى النائب العام المالي القاضي علي ابراهيم، على المحافِظ السابق لمدينة بيروت القاضي زياد شبيب، بهدر مال عام بصفقة قيمتها ما يقارِب ال 10 مليار ليرة، وإحالته أمام قاضي التحقيق الأول في بيروت...
السؤال المطروح:
متى يأتي دور بعض البلديات الكبرى التي نخرَها الفساد على أوسع نطاق، وحوّلها رؤساؤها إلى "مزارع عائلية" مُستباحَة، ولم تُنجِز شيئاً في مناطِقها (لا أمن ولا طرقات ولا إنارة ولا بيئة ولا مُعالجَة سليمة للنفايات...) ولم تنجح سوى بشيءٍ واحدٍ فقط: إقامةْ الحفلات والغدوات والعشوات وتجميع الأزلام؟ ومتى يُحاسَب كل مَن مدَّ يده على أموال البلدية، وكل مَن استولى و"تسلبَطَ" على أرزاق الناس وجنى أعمارهم؟
الغريب والمُستهجَن أنَّ بعض الأحزاب التي ترفَع لواء "مُحاربة الفساد"، لا تزال " تُغطّي" و" تُساير" هؤلاء القوم، الذين ليس لديهم مبادئ ولا أخلاق ولا قيَم، والمعروفون والمشهورون بقلّة الوفاء و"بنَقل البارودة من كتِف إلى كتِف" كلّما تبدّلَت السلطة وتغيّرَت موازين القوى.. والذين انكشفوا أمام الناس، وانكشفَت أفعالهم وسرقاتهم، وظهرَت بشكلٍ "فاقِعٍ" ثرواتهم الكبيرة غير المشروعة...
ألا تعرِف هذه الأحزاب، ولاسيما بعض المسؤولين فيها، أنهم عندما يغضّون النظر عن الفاسِد والحرامي ومُغتصِب أرزاق الناس وحقوقهم يرتكِبون الجريمة معه؟
فهل يجوز يا سادة، إعطاء براءة ذمّة لمَن مدَّ يده على المال العام، و"تسلبطَ" على حقوق الناس وسرقَ أموالهم، وراح يتنعَّم بها بالبذخ الفاحِش وبشراء العقارات و"الفيلات" والسيارات الفاخِرة؟
ما سمِعتُ يوماً ببلدٍ يُكرّم الفاسد والحرامي، إلاّ عندنا... والغريب أنَّ الحياء لا وجود ولا مكان له في وجه هذا "المُتسلبِط" الفاسِد، ولا في قلبِه، لأنه فقدَ الإحساس وشعرَ بالإطمئنان لغياب الدولة والقضاء... ولكنه نسيَ أو تناسى أنَّ القضاء لن يبقى مشلولاً إلى الأبد، وأنَّ لعنة المظلوم ستلاحِقهُ وتلاحِق أولاده مدى العمر.
نُطالِب التفتيش المركزي أن يتحرّك، كما نُطالِب "اللجنة القانونية في المرصد الشعبي لمحاربة الفساد"، التي ادّعَت على المحافِظ السابق لمدينة بيروت زياد شبيب، أن تدّعي بالإثراء غير المشروع على كل مسؤول، أو "مستشار مسؤول"، وكل "مُشارِك"، أو "مُستفيد"، أصبحَ ثريّاً بين ليلة وضُحاها، فشيَّدَ البنايات واشترى العقارات و"الفيلات" من "المال الحرام".
حكمةْ الأسبوع
إنَّ الفساد يطول عمره ويتفشّى ويتعاظَم، كلّما انسحبَ أهل الكفاءة والشرفاء والأوفياء من الميادين وآثَروا السلامة وتَخاذَلوا...
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News