حملت رسائل سرية ودافعت عن لبنان... الموت يغيّب "راهبة استثنائية"

"ليبانون ديبايت"

الأم أوديل سماحة، اسم سيتذّكره الكثيرون من سياسيين، رجال دين، أيتام، وغيرهم مع إعلان وفاتها صباح اليوم السبت.

إنها الرئيسة العامة السابقة للرهبانية الباسيليّة الحلبية، التي رحلت تاركة بصاماتها في كثير من مراحل تاريخ لبنان ومواقفٌ طبعت في ذاكرة الكثيرين.

في السلم والحرب، لم تتخلَ الام أوديل سماحة عن حبّها للبنانية فقد كانت تطلب من البطريرك مكسيموس الخامس حكيم أن يوظّف مساعيه عند الرئيس الأميركي رونالد ريغان من أجل لبنان.

علاقة مميّزة ربطت البطريرك حكيم بهذه الأم الصلبة، اذ لم يرفض لها طلبا يوما. في إحدى المواقف البارزة، ذُكر أنه عندما طلبت منه أن يوقف الهجوم على المطران غريغوار حداد، سمح لها أن تفتح ديرها في بكفيا كي يقيم فيه المطران الذي اكتفى بمكتب له.

علاقتها بالبطريرك حكيم لم تقف هنا، فقد عرفت بأنها أمينة سرّه، اذ لطالما كان يوكل اليها حمل رسائل سرية ما بين مرجعيات حساسة في دمش وبيروت وما بين واشنطن والقيادات الفلسطينية.

انطبع اسمها في مجالس السياسيين، وعلى رأسهم الرئيس ميشال المر الذي كان يستقبلها من دون موعد.كما ربطتها علاقة مميّزة بالرئيس أمين الجميل، فقد عُلم أنها حوّلت دير زرعايا الى مركز لرعاية الايتام وسمّته على اسم زوجته جويس.

وأيضا، أعمال هذه الراهبة، لاقت دعما استثنائيا من رئيس حزب "الوطنيين الأحرار" الأسبق داني شمعون الذي وضع طائرة هليكوبتر تحت تصرفها لتنقل أربعين يتيما الى قبرص ومن ثم الى بيت عملت على فتحه مع أحدهم في فرنسا.

على صعيد آخر، لم تهمل هذه الراهبة العلم، فقد حرصت على استكمال علمها حيث حصلت على إجازة في اللغة الفرنسية في جامعة حلب وتقدمت بمشروع "ماجستير" حول وجودية سارتر في رؤيته لجحيم الآخرين، كما أفسحت المجال للراهبات كي يتعلمن أثناء رئاستها.

وفي إطار عملها مع الأطفال، طلب منها المطران غريغوار حداد متابعة عمله الاجتماعي فأسست مع من كان يحبه جمعية خيرية سمتها دار الطفل اللبناني.

كما ظلت تدير وترعى الاطفال الايتام في دمشق رغم القصف المتواصل في حينها الى أن شعرت بقواها خارت فعادت الى الدير الامّ ومن ثم الى المأوى حيث رحلت.

يذكر أن مراسم الجنازة تقام في كنيسة دير الملاك ميخائيل ذوق مكايل نهار الاحد غدا عند الساعة الثالثة بعد الظهر، كما سيتم تقبل التعازي قبل الدفن وبعده ويوم الاثنين في كنيسة القديس جاورجيوس للروم الملكيين الكاثوليك في ذوق مكايل من الساعة الثانية بعد الظهر حتى الساعة السادسة مساء.