ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين.
وقال العلامة فضل الله: "البداية من لبنان الذي تزداد معاناة اللبنانيين فيه على الصعيد المعيشي والحياتي بفعل الارتفاع المستمر في سعر صرف الدولار، والذي لم تعد تداعياته تقف عند عدم قدرة اللبنانيين على تأمين لقمة عيشهم ودوائهم واستشفائهم وتأمين الكهرباء والنقل في بلد مدولر".
وأضاف, "فيما رواتب العمال والموظفين لا تزال على الليرة اللبنانية ولم ترتفع بما يوازي انخفاض القدرة الشرائية للعملة الوطنية، بل بتنا نراه ينعكس على إنتظام عمل المؤسسات العامة".
وتابع, "وعلى التعليم الذي هو عماد الأوطان في المدارس الرسمية والجامعة اللبنانية بخاصة، وعلى استمرار المؤسسات الخاصة، ويهدد استقرار اللبنانيين في بلدهم، بعدما أصبح كل منهم يفكر كيف يرحل إلى بلد يؤمن له العيش الكريم، وهذا الرحيل بات لا يقتصر على طائفة معينة كما تحدثت بعض الإحصاءات، بل يشمل كل الطوائف".
وأردف, "مع الأسف، يجري كل ذلك من دون أي معالجة لهذا الانهيار على الصعيد النقدي أو الحد منه بحيث ترك حبل الدولار على غاربه، فيما يستمر الانسداد السياسي، بفعل الصراع على رئاسة الجمهورية والذي وصلت تداعياته إلى عدم قدرة الحكومة على الاجتماع حتى لمعالجة الأزمات الحادة التي يعانيها اللبنانيون، وإلى المجلس النيابي الذي لم يعد قادراً على أداء دوره التشريعي والملح في هذه المرحلة وبات ينعكس على أداء القضاء الذي يعاني أيضاً من الانقسامات السياسية".
وأعلن "اننا من هنا، نجدد مناشدتنا للقوى السياسية المتمثلة في المجلس النيابي إلى القيام بالدور المطلوب منها وبدون تلكؤ للتوافق في ما بينها على صيغة تضمن تأمين الاستحقاق الرئاسي للبدء بتحريك عجلة الدولة من خلال حكومة قادرة على النهوض بهذا البلد، وتحقيق الإصلاحات لتسمح بمد يد العون إليه.
وقال: "مع الأسف، وبدلاً من ذلك ما زلنا نشهد انقساماً وتشظياً وعدم رغبة أي فريق للتنازل عن الأسقف التي وضعها، ما يؤدي إلى استمرار المراوحة ومزيد من الانهيار، الأمر الذي يسمح بجعل البلد رهينة الخارج وتدخلاته إلى حد تحوله ليكون الملاذ لتأمين هذا الاستحقاق والذي قد لا تكون خياراته دائماً لحساب اللبنانيين بل على حسابهم".
وأضاف: "نبقى في لبنان، لنشير إلى الأزمة الجارية بين القضاء والحكومة، فإننا نعيد التأكيد على ما قلناه سابقاً بضرورة إبعاد التدخلات السياسية عن القضاء ليستطيع أداء دوره الضروري لتحقيق العدالة وانتظام عمل المؤسسات، في الوقت الذي نريد للقضاء أن يكون بمنأى عن الصراع السياسي وأداة من أدواته".
وتابع, "بحيث تفتح الملفات عنده لحساب وتغلق لحساب، وأن يكون له استقلاليته ويحظى بالنزاهة والشفافية ويكون أميناً على تحقيق العدالة للمجتمع، بعدما بات واضحاً تداعيات عدم قيام القضاء بدوره".
واعتبر العلامة فضل الله، أنها "باتت مصدر قلق للبنانيين، ونحن في هذا المجال ندعو اللبنانيين إلى عدم الاستسلام للخوف والقلق الذي بات يسيطر على الكثيرين، بل إلى دراسة السبل الآيلة للوقاية مما قد يجري والشروع في الإعداد لها".
وقال: "من هنا ندعو الدولة والبلديات وأصحاب الأبنية واللجان فيها إلى دراسة عاجلة لمدى قدرة الأبنية على تحمل الهزات التي قد تحصل، والسعي الحثيث لمعالجة ما يحتاج إلى الصيانة واتباع كل الإجراءات التي تضمن السلامة، في الوقت الذي تشير كل التقارير العلمية، إلى أننا لسنا في موقع الخطر الذي يخشى منه".
وأشار الى أن, "الحرب الأوكرانية الروسية التي تدخل عامها الثاني، والتي أدت إلى عشرات الألوف من الضحايا من المدنيين والعسكريين وإلى ملايين المتشردين، واستنزاف عشرات المليارات من الدولارات التي تصرف على شراء الأسلحة والآلة العسكرية فيما يعاني مليارات البشر من المجاعة والفقر المدقع".
وأضاف, "والتي نخشى أن تتوسع دائرتها إن لم يتم إيقافها إلى أن تنزلق إلى حرب عالمية تستخدم فيها أسلحة غير تقليدية تكون وبالاً لا على مناطق القتال فحسب، بل على العالم بأسره، لندعو إلى ضرورة الإسراع بإيقاف هذه الحرب والدخول في مفاوضات تؤدي إلى إزالة الهواجس الموجودة لدى كل الأطراف وتحفظ سيادة الدول على أراضيها وتمنع استنزاف موارد الشعوب في غير موقعها والتي قد تتسبب في إفقارها".
وتابع, "نتوقف عند المجزرة التي ارتكبها "العدو الصهيوني" أخيراً في نابلس، والتي أدت إلى ارتقاء عشرات الشهداء والضحايا، والتي يهدف العدو من ورائها إلى كسر إرادة الشعب الفلسطيني ومنعه من حقه بالوصول إلى الحرية في أرضه ومقدساته وإبقائه تحت نير الاحتلال والإذلال.
واستكمل, "إننا إذاً ندين بشدة هذه "الجريمة الصهيونية"، ندعو المنظمات الدولية وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وكل الأحرار في العالم إلى رفع الصوت عالياً في وجه هذا الكيان واتخاذ مواقف حاسمة تمنعه من استمرار إجرامه بحق الشعب الفلسطيني وحقه في العيش الكريم على أرضه".
وأردف, "كذلك ندعو إلى مد يد العون لهذا الشعب الصابر المجاهد المعطاء وعدم تركه وحده يعاني من طغيان هذا العدو وارتكاباته".
وقال العلامة فضل الله: "وأخيراً نتوقف عند المسلسل الذي سيعرض في شهر رمضان المبارك والذي يتحدث عن شخصية معاوية، هذه الشخصية التي يدور الجدل حولها وحول الارتكابات التي حصلت منه أيام خلافة أمير المؤمنين علي(ع)، ما قد يثير فتنة بين المسلمين".
وختم: "إننا من موقع حرصنا على أجواء الوحدة التي يأتي شهر رمضان ليؤكدها حيث يتوحد كل المسلمين على هذه العبادة، ندعو إلى إعادة النظر في عرضه، ونحن لا نقول ذلك في ما يختص هذه الشخصية فحسب، بل إننا كنا نقولها عندما كانت تعرض مسلسلات تؤدي إلى فتنة وتعمق الشرخ في الواقع الإسلامي".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News