طوني فرنسيس - نداء الوطن
ما من بلد في العالم يلجأ إلى اعتماد العطلات ومناسبات الأعياد ليجعلها محطة لتوقّع الحلول وحسم الاستحقاقات مثلما يجري في لبنان.
الاجيال الجديدة نمت وترعرعت على لازمة السياسيين والاعلاميين في بناء الآمال على عجائب الأعياد وعطلاتها، والاجيال التي سبقتها حفظت هذه اللازمة عن ظهر قلب. منذ خمسين سنة تقريباً تحوّل "العيد" اللبناني بألوانه الطائفية و"الوطنية" إلى محطة ترقّب وانتظار للإفراج عن حلول للأزمات المتراكمة وجلّها أزمات فوقية ناتجة عن خلافات أهل النظام حول المواقع والمناصب والحصص.
كانوا يقولون لا حلول الاّ بعد العطلة ، وفي صياغات أخرى أن الأوضاع تنتظر فرصة الأعياد، وعندما يدبّ اليأس يتحدثون عن انفراجات محتملة تحملها روحانيات المناسبات الدينية وما أكثرها في بلد قلّ فيه الإيمان وتكاثرت المذاهب وكثُر فيه السياسيون وغابت السياسة.
لا ينتظر ساسة السلبطة حلولاً لخياراتهم السياسية العليا في نهاية العطلة.
العطلة هي تمديد للتعطيل العام بل والعجز عن تطبيق ما يدّعيه الجميع من التزام بالدستور، وما تقتضيه موجبات الحكم من وضعٍ للحلول في مناخ الشفافية والمساءلة والمحاسبة.
لا يقتصر الانتظار على بتّ مسألة رئاسة الجمهورية. مثله يحصل في رئاسة الحكومة وحتى في تعيين الوزراء. لقد بات الانتظار اعترافاً بالعجز والارتباط بالخارج الذي تقع عليه مسؤولية طرح الأسماء والحلول. من الرئاسة إلى برنامج العمل.
بعد العيد سينتظرون ما ستقوله باريس. لكن باريس ليست وحدها، ساسة السلبطة أسلموا أمورهم لمجموعة الدول الخمس وهم يضيفون دولة سادسة توازي في نفوذها الداخلي الدول الخمس مجتمعة. إيران هي الدولة السادسة في مجموعة ٥ زائد واحداً. وبينها جميعاً تدور المداولات في شأن الرئيس ومجلس إدارته وبرنامج عمله. وتلك الدول ليست مضطرة لاستكشاف آراء ساسة البلد، فلماذا تفاوض السعودية حزب الله اذا كانت القنوات مفتوحة مع إيران؟ ولماذا ينشغل دوريل بكتلة مارونية أو سنية أو درزية مقرّبة من الخليج ما دام ماكرون قادراً على استمزاج رأي ولي العهد السعودي؟ ومن سيحاور أصدقاء الأسد في القطر اللبناني اذا كان نصف مجموعة الخمس يزورونه ويزورهم للبحث في شؤون الأمة جمعاء؟
كذبة الانفراج بعد الأعياد تتكرر مع تعمّق التحاق السادة السياسيين بكراعيبهم الخاصة، ولذلك سيطول انتظارهم أو يقصر حسب قدرة أولياء الأمور على إنجاز توافقاتهم اللبنانية، وفي هذا الوقت يمكنهم الانصراف إلى إنهاء ما تبقّى من أصول ومؤسسات، فيلغون البلديات والمخاتير ويشتبكون على التوقيت ويعيدون استنفار انصارهم مذهبياً وطائفياً في الأعياد والمناسبات.
مع ذلك كل عام وانتم بخير.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News