"ليبانون ديبايت" - عبد الله قمح
لم تسفر اللقاءات الدورية التي يعقدها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مع "الخليلين" (المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله، الحاج حسين خليل والمعاون السياسي لرئيس مجلس النواب، النائب علي حسن خليل) في "زحزحة" الأحجار من أمام التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون، كذلك الاتصالات التي جرت وتجري مع قوى أخرى ممثلة في الحكومة غير التيار الوطني الحر. عند هذا الحد تصبح إمكانية طرح موضوع التمديد في جلسة الحكومة اليوم من خارج جدول الاعمال أمر "غير مرجح".
رغم ذلك، لن تتوقف الاتصالات، وهي مستمرة في محاولة الوصول إلى حل، قبل حلول منتصف الشهر المقبل، أي التاريخ المبدئي الذي عيّنه رئيس مجلس النواب نبيه بري كخط نهاية للدور الحكومي في بحث مسألة التمديد، وكخط انطلاق لـ"تدشين" دور مجلس النواب من خلال جلسة تشريعية تطرح الموضوع وفق صيغة "قانون" ملزم.
وعلم "ليبانون ديبايت" أن ثمة مساعٍ تجري لبلورة فكرة قبل سفر الرئيس ميقاتي المتوقع خلال الأسبوع المقبل.
يقول نائب حالي يشكّل حجر زاوية في الإقتراحات المقدمة لتأمين علاج لمعضلة اليرزة في مجالسه، أنه بات مقتنعاً إلى حد كبير من أن الحل الوحيد لانقاذ قيادة الجيش من "استحقاق 10 كانون الثاني" لا يمكن تحقيقه إلا بما يسميه "تمديد تكتيكي تقني ضروري غير مستدام وفق معنى شامل وغير خاص".
وفي تفسير لعبارته، يقول إن "التمديد الشامل يشمل عملياً كل الرتب العليا من ملازم وصعوداً إلى رتبة عماد بزيادة عامين إلى ثلاثة تُوزّع بشكلٍ متساوٍ، وهو الخيار الاصح في الوضع الحالي، والأقل كلفة ولو أنه قد يحرم رتباً أخرى من حق التقدّم في المراكز والمواقع".
كما يؤكد النائب أنه "لا يوجد شيء اسمه في عالم الجيوش فراغ القيادة العسكرية وغياب الإمرة". وهو المنطلق الذي يجب أن يحكم النظرة إلى مسألة قيادة الجيش.
كلام النائب يتقاطع مع أجواء أخرى من بينها ما ينقله زوار عين التينة باستمرار، حيث يؤكدون بدورهم "الا فراغ في الجيش أو أي من المؤسسات الأمنية الاخرى". وينقل هؤلاء الزوار عن رئيس مجلس النواب نبيه بري تفضيله خيار "التمديد الشامل لكافة الرتب من خلال قانون". ويكرّر أمام من يلتقيهم أن "الحل لا بد أن يكون إما في التمديد أو التعيين".
والحل الأفضل في رأي خبراء في القانون، والمنظور إليه على أنه قابل للتحقق بعد أن تضع الادوار الحكومية أوزارها، يتمثل في عرض قانون على مجلس النواب في جلسة تشريعية، يكفل رفع سن تقاعد جميع الضباط عامين إضافيين لمرة واحدة، ما يفيد في تمرير قطوع اليرزة أولاً، وإتاحة الفرصة أمام رئيس الجمهورية المقبل (في حال انتخب) أن يشارك في اختيار قائد الجيش.
لكن تبقى معضلة أخرى "عويصة" ما تزال "تمرّ" على المسؤولين، وإما أن يكون هؤلاء قاصدين تجاهلها. ترتبط بمسألة رئيس الأركان، الضرورية لاستباب أمر قيادة الجيش مدّة عامين على أقل تقدير، في حال مُدّد لمدة عامين.
وهناك إشكالية مطروحة بالفعل، تتصل بتسيير أعمال المؤسسة في غياب القائد. من يضمن في العامين المقبلين (إن مشى التمديد) ألا يمرض قائد الجيش، أو أن تصيبه وعكة صحية"؟ أكثر من ذلك، من يضمن ألا يصيبه مكروه يجعل من قيادة الجيش فارغة؟ في حالة كهذه، كيف سيتم التصرف، في الإمرة وغير الإمرة، في اتخاذ القرار وتسيير ضروريات المؤسسة وغير ذلك؟
هناك من عاد للحديث عن "السلة"، سواء بشكل تتزامن فيه مع أي تمديد مفترض، أو تأتي ملحقة به، تتصل بضرورة تعيين رئيس للأركان من خلال مجلس الوزراء.
كأي ظرف مشابه، تقوم الجدلية حول ما يسمى "التوازن في القرارات". بمعنى أن تعيين رئيس للأركان "درزي" يوجب، طالما أنه مسهّل إفتراضاً، أن يستأنف بتعيين باقي أعضاء المجلس العسكري، "ارثوذوكسي" في المفتشية العامة، و"شيعي" في الادارة العامة على مبدأ "السلة" المنشودة. وطالما أن الحال كذلك، وإن ثمة توافقاً قادراً على العبور بهؤلاء، لماذا إذاً لا يعيّن مارونياً قائداً للجيش، وهي قضية لا بد أن يطرحها آخرون حين يصبح الحديث حول تعيين رئيس للأركان جدياً.
عملياً، إن أحد أسباب عدم تعيين رئيس للأركان، غير نابع من رفض سياسي كامل للفكرة، إنما نزولاً عند مسألتين: عدم الرغبة في فتح بازار "السلة" لعدم إستثارة البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي سيحرج إن سارت "السلة" من خارج تسمية "ماروني" لقيادة الجيش. أما المسألة الثانية فمرتبطة بعدم رغبة الزعيم وليد جنبلاط في أن يتولى درزياً قيادة الجيش في هذا الظرف. عبارة قالها جنبلاط ومن ثم رددها أمام أكثر من ضيف، وزاد عليها أنه كما لا يصح تعيين قائد جيش "بنظر البعض" في ظل غياب الرئيس، ايضاً، لا يجوز تعيين رئيس للاركان!
لمجرد الاشارة هنا، لقد سقط بعد القبول بتعديلات الطائف وإتخاذها دستوراً، أن يسمي رئيس الجمهورية قائد الجيش، إنما بات شريكاً فيه، والتعيين أصبح حقاً يعود لمجلس الوزراء مجتمعاً. أي أنه، لم يعد للميثاقية المزعومة أي صفة طالما مجلس الوزراء قائماً بذاته.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News