المحلية

عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت
الجمعة 09 أيار 2025 - 06:59 ليبانون ديبايت
عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت

نواف سلام يبحث عن دور حزب الله في تفجير المرفأ

نواف سلام يبحث عن دور حزب الله في تفجير المرفأ

"ليبانون ديبايت"-عبدالله قمح


في لحظة فارقة سياسيًا وأمنيًا، كان رئيس الحكومة نواف سلام منشغلًا بلقاءات مع سفراء دول مجلس التعاون الخليجي، في محاولة لتسويق خطة تهدف إلى “رشوة” هذه الدول، ما يتيح إعادة تفعيل “الخط السياحي” إلى لبنان. مما استعرضه أمامهم، تمثّل في أن الدولة أعادت هيكلة المطار، وقامت بـ”تنظيف” محيطه والطريق المؤدية إليه من “التلوث البصري”. وفي وقتٍ سابق، وضمن إطار التسويق نفسه، أوعز إلى أحد وزرائه بأن يتسلّح بفرقة دبكة وكميات من الورود والبقلاوة لاستقبال طائرة إماراتية على أرض المطار، تبيّن لاحقًا أن غالبية ركّابها هم من اللبنانيين.


وفي مشهد يعكس تمامًا أجواء التفاؤل السياحي، كانت إسرائيل تقص شريطه بعرض ناري تخلّله إطلاق “21 قذيفة” ترحيبًا، رسمت عبرها “حزامًا ناريًا” ضخمًا طال مرتفعات النبطية، في مشهد يُظهر عمق السيادة في منظور الحكم الجديد! لا يعكس هذا التناقض مجرد خلل في الأولويات، بل يشي بتحوّل في وظيفة الدولة نفسها: من إدارة الأزمات إلى إنكارها.


سلام، الذي يتولى رئاسة حكومة وُصفت بأنها “إنقاذية”، بدا متحمسًا بما يشبه العلاقات العامة السياسية، محاولًا تقديم لبنان كوجهة سياحية واعدة، بينما الواقع الجيوسياسي يفرض عليه أن يكون رأس حربة في الدفاع عن سيادة مهددة، وحدود تُخرق، ومواطنين يُستهدفون. هذا الأداء، الذي بات يطبع سلوك رئيس الحكومة، يُظهر انحيازًا واضحًا وضعفًا كبيرًا، ويعكس إلى أي مدى تراجع الموقف الرسمي في عهده، حتى أصبح همّ الحكومة السياحة، لا الأمن الذي يُفترض أن يسبقها.


يتّسع الخلل عند مراجعة زيارة سلام إلى دمشق منتصف الشهر الماضي، والملفات التي تناولها مع المسؤولين السوريين، والتي رُوّج لها كاختراق دبلوماسي. فقد بدا أن رئيس الحكومة، مدفوعًا من فريقه، غرق في بحث ملفات توحي ببواطن سياسية تزيد عناصر الاشتباك المحلي، ولا توحي بحلول. ومنذ عودة سلام من سوريا، لم يُلاحظ أن جرى استكمال ما تم بحثه من ملفات مع القيادة السورية – أو أن جرى تشكيل لجان لهذه الغاية – مثل ترسيم الحدود البرية والبحرية، أو ملفات النازحين والموقوفين والمسجونين من السوريين في قضايا أمنية أو جنائية، إلى جانب المفقودين.


وتؤكد مصادر سياسية مواكبة أن الجانب السوري طرح وجود “مخفيين سوريين قسرًا” في لبنان، في حين لم يُقدّم لبنان حتى الآن أي فحوصات DNA تتعلق بمخفيين لبنانيين يُرجح وجودهم في سوريا، على الرغم من أن السلطات السورية سبق أن أبلغت نظيرتها اللبنانية أنها عثرت على مقابر جماعية قديمة وتنتظر نتائج الفحوصات لمقارنتها مع رفات الضحايا.


وعلى صعيد آخر، لم تشمل المتابعات اللبنانية أي بحث جدي حول آلية إعادة النازحين السوريين، بل إن السلطات السورية، وفي سياق إظهار عتوّها، تمادت باتخاذ خطوات أحادية تمسّ البيئة الحاضنة لحزب الله على الحدود، وتوحي بمظاهر اشتباك متعاظمة. وبعدما اتخذت خطوة لافتة بطرد عشرات آلاف المواطنين السوريين واللبنانيين الشيعة من بلداتهم الحدودية مع لبنان، والسماح للمسلحين المتشدّدين بالاستيلاء على ممتلكاتهم، واستبدالهم بجماعات أكثر قربًا سياسيًا من نظام دمشق، رفضت وترفض السماح بإعادة هؤلاء، تحت ذريعة ارتباطهم بحزب الله والسعي لزعزعة الاستقرار.


وفي ظل هذا التعقيد، لم ينجح الأمن العام اللبناني سوى في التوصل إلى اتفاق محدود على إعادة بعض النازحين السوريين، من الذين فرّوا في أعقاب سقوط النظام، إلى مناطق داخلية بعيدة عن الحدود.


أما سلام، فقد بدا متماهيًا مع الرئيس السوري الجديد، أحمد الشرع، في سعيه إلى “شيطنة” مكوّن سياسي لبناني. إذ بدا سلام، على نحوٍ واضح، مهتمًا بتتبّع أي خيوط قد تكون السلطات الجديدة في دمشق وصلت إليها حيال انفجار مرفأ بيروت، وتحديدًا حول مدى وجود علاقة بين النظام السوري المخلوع وأطراف لبنانية مكّنته من تخزين مئات الأطنان من مادة “نترات الأمونيوم” في المرفأ، ما أتاح وقوع ثاني أكبر انفجار غير نووي في التاريخ، يوم الرابع من آب 2020، علمًا أن ثمة اتهامًا سوريًا معارضًا بأن هذه المواد أُدخلت عبر مطار بيروت لمصلحة النظام، كي يستخدمها الأخير في صناعات “البراميل المتفجرة”.


ووسط هذا البحث المستفيض، برزت محاولة واضحة من جانب فريق رئيس الحكومة وبعض المقرّبين منه لاستثمار قضية انفجار مرفأ بيروت في إطار سياسي محلي ضيق، ما يطرح علامات استفهام كبيرة حول سبب مساعي رئيس الحكومة وفريقه إلى هذا الأمر، بالتعاون مع نظام جديد يعلمون يقينًا أنه يُخفي نزعة تجاه هذا المكوّن، ولن يألو جهدًا في إلصاق أي تهمة به مهما كانت سخيفة، ولا بد من طرح أسئلة كثيرة عن أسباب هذا السعي الحثيث اليوم.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة