"ليبانون ديبايت"
لم يعد انخراط "حماس" الميداني في المواجهات مع الإسرائيلي من الجبهة الجنوبية، يقتصر على المشاركة في العمليات، بعدما تطور إلى تشكيل "طلائع طوفان الأقصى" وفتح باب التطوع في المخيمات الفلسطينية، ما أعاد إلى الذاكرة مشاهد وهواجس من مرحلةٍ خطيرة عنوانها الإنقسام والحرب الأهلية. وبمعزلٍ عن ردود الفعل والحملات المنتقدة لهذه الخطوة، فإن انقلاباً قد سجّل في الساعات الماضية إزاء الشأن الفلسطيني، وهو واقع ليس بجديد وسابق لإعلان "حماس" عن "طلائع الأقصى"، حيث يعتبر المحلل والإستشاري في مجال ديمومة الإعلام داوود ابراهيم، أن "لبنانيين كثرٌ، لا يمكنهم رؤية القصية الفلسطينية إلاّ من خلال ممارسات الفصائل الفلسطينية المختلفة زمن الحرب اللبنانية، وهكذا ينقسم الرأي العام في لبنان عند كل ما يتصل بفلسطين بين من يقول "ما خصنا" وبين من يتبنّى القضية إنسانياً أو سياسياً وعقائدياً.
ومن هنا، يرى ابراهيم، في حديثٍ لـ"ليبانون ديبايت" أنه إذا كانت صور المجازر والمآسي قد خلقت جواً متضامناً مع الإنسان الفلسطيني في لحظةٍ من اللحظات، إلاّ ان هذا التضامن، خفت مع بروز مخاوف من إمكانية ترحيل الفلسطينيين إلى لبنان إذا ما حصل توافق دولي على هذا الأمر.
في المقابل، يشير ابراهيم إلى فريقٍ لبناني يخشى من توحش إسرائيلي مدعوم من الغرب، يُمكن وبعد القضاء على حماس، أن يكون لبنان هو التالي وتحديداً المقاومة في لبنان، ويدعم هذا الفريق كل ما تقوم به المقاومة ضد "إسرائيل" للحيلولة دون قضائها على حماس.
ووفق هذا المشهد، يتجدد السجال في لبنان عند كل منعطف، وفق ابراهيم، وذلك بين "من يرفض تحويل البلد إلى ساحة صراع في ظلّ ما نمر به من أزمات، وبين من يخشى الأسوأ ويدعو إلى المبادرة والفعل والهجوم بدل أن نكون في موقع ردّ الفعل والدفاع عن النفس".
ورداً على سؤال عن سعيٍ لدى بعض الأطراف لتوظيف "طلائع الأقصى" في تصفية حسابات داخلية، يعتبر ابراهيم أنه قد يكون هناك فعلاً من يعمل داخل المخيمات على الإمساك بالورقة الفلسطينية وفي إطار "التنافس" بين حماس ومنظمة التحرير بعد الكثير من الإشكالات، إذ وكما هو معلوم تختلف مقاربة السلطة الفلسطينية لما يحصل في غزة عن مقاربة حماس.
بالتالي هل يتطور هذا الخلاف في لبنان وتتم ترجمته بإشكالات بين الطرفين؟ بحسب المعطيات المتوافرة هذا أمرٌ مستبعد في الوقت الراهن، بهدف إبقاء التركيز على غزة.
كذلك قد يقول البعض إن ما بعد غزة هو ما يشغل الفصائل الفلسطينية لاسيّما في المخيمات فهل من ترجمة لنتائج هذه الحرب؟ وهذا الأمر طبعاً ينسحب على الساحة اللبنانية واللاعبين اللبنانيين أيضاً.
وبنتيجة هذه المعطيات ولجهة تداعيات هذا الانقسام على ملفات الداخل والعلاقات بين القوى السياسية، يشير ابراهيم إلى أن البعض يعتبر إن "حزب الله"، وبعد الحرب على غزة، وأياً تكن نتيجتها، سيكون أكثر تشدداً في مختلف الملفات ولاسيما ما يمكن أن يهدد شرعية سلاحه ودوره. فإن خرجت المقاومة منتصرة سيتعامل الخارج والغرب تحديدا مع هذه النتيجة بما تعنيه داخلياً ولاسيما في ما يتصل بالسلطة والقرار وهذا أمر طبيعي أن يكون للحزب الكلمة الفصل فيه. وفي حال انتهت الحرب إلى خسارة للمقاومة في غزة فسيكون الحزب في موقع المتشدد والحريص على عدم التفريط بأي عامل قوة يملكه. أمّا باقي الفرقاء فسيبحثون ومن دون جدوى عن دعم خارجي من المجتمع الدولي الذي تهشّمت صورته بفعل تقاعسه وعجزه عن إيجاد حلٍ جذري لما يجري جنوب حدودنا، وبالتالي لا ثقة بمجلس أمن ولا بجمعية عامة ولا بقدرة قوات الطوارئ على تغيير الواقع الذي تتحكم به القوة وحدها.
وعن سبل استيعاب الإنقسام خصوصاً على مستوى الشارع إنطلاقاً من الواقع الإعلامي، يرى ابراهيم أن "الشارع متروك للتوظيف في معارك مجانيّة قد يجدها البعض مفيدةً لإلهاء الناس عن موضوع الموازنة والعجز والضرائب وعن فشل السلطة السياسية بتحقيق أي إنجاز أو تغيير لصالح المواطن الفقير أو ذوي الدخل المحدود، فالشارع متروك لمصيره ولا يبدو أنه سيكون واعداً إلاّ بالمزيد من الخراب".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News