وكلاء إيران، تحدّ إقليمي بتأثير دولي، يعود إلى طاولة القرار الأميركي وتحديدا عقب هجمات البحر الأحمر.
تقارير كشفت عن "أصوات عسكرية في الداخل الأميركي، تدعو للتدخل سريعا ضد طهران وأذرعها، لأن الردع غير كاف"، بيد أن التقرير الذي نشره معهد "تشاتام هاوس" البريطاني، يؤكد "ضرورة أن تعزّز واشنطن شراكاتها مع الدول الإقليمية من خلال استعادة السلام وخلق مزيج من القدرات الدفاعية والهجومية".
فقد صعّدت الهجمات الأخيرة للحوثيين على سفن للشحن بالبحر الأحمر من الأصوات المطالبة بضرورة التصدي لوكلاء إيران وطهران نفسها، داخل الدوائر العسكرية الأميركية، لكن مراقبين غربيين يرون أن "الردع الأميركي تجاه إيران أصبح متضررا لكنه لم يمت حتى الآن".
وفقا لتحليل أجراه معهد "تشاتام هاوس" البريطاني، فإن "الشركاء العرب قد حذروا واشنطن مرارا من وكلاء إيران في المنطقة، لكنهم شعروا بصدمة عندما علموا أن الولايات المتحدة لم تناقش هذه القضية مع طهران خلال مفاوضات الملف النووي، خصوصا أنهم يعتبرون أن "القنبلة الإيرانية الحقيقية هي الوكلاء، وليس السلاح النووي".
ويرى المعهد أن "عدم ممارسة الولايات المتحدة مزيدا من الضغوط على إيران لكبح جماح وكلائها، قد يدفع الشركاء الإقليميين في المنطقة للنأي بأنفسهم أكثر أو اتباع مسارات عمل تضر بمصالح الولايات المتحدة".
ويقول التقرير، إن "القوى العربية تستطيع التقرب من إيران بشكل أكبر، وتعزيز علاقاتها مع الصين وروسيا، وإن التصدي للتحدي الإقليمي الذي تفرضه إيران يجب أن يتم بالشراكة، لكن واشنطن لا تملك المعرفة أو الأدوات أو الرغبة في التصرف بمفردها".
وأكد أن "الضعف الملحوظ من قبل الولايات المتحدة يمكن أن يدفع إسرائيل إلى مهاجمة إيران بعد هجوم السابع من تشرين الأول، وهذا من شأنه أن يجبر الولايات المتحدة على مواجهة إيران بشكل مباشر، وهو ما تحاول واشنطن تجنبه".
ويرى المعهد أن "على أميركا أن تبدأ في استعادة ثقة الشركاء الإقليميين وذلك من خلال ضمان أمنهم المادي ومنع الطائرات بدون طيار والصواريخ الإيرانية من ضرب أهداف مدنية وبنى تحتية حيوية".
ويؤكد التحليل أن "التصدي للتهديدات الإيرانية لا يمكن أن يتم إلا من خلال تعاون جاد مع الشركاء الإقليميين والولايات المتحدة والذي يتمحور حول استعادة السلام وخلق مزيج قوي من القدرات الدفاعية والهجومية".
يشير أستاذ الإعلام السياسي في جامعة قم الإيرانية، أحمد المهدي، في حديثه إلى "وجود استراتيجية مشتركة بين إيران وحلفائها في المنطقة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ويضيف قائلا: "لا وجود لأذرع أو وكلاء لإيران في المنطقة ولا يمكن تسميتهم بهذه التسميات كونهم حلفاء مستقلون في قراراتهم".
وأردف المهدي، "ما تريده طهران اليوم ليس سوى مصلحة الفلسطينيين ووقف التدخلات الأميركية وإيقاف إطلاق النار".
وتابع، "تسعى إيران عبر حلفائها لتقديم الدعم للفلسطينيين والردع لمنع ارتكاب المزيد من الجرائم"، لافتاً الى "وجود مقومات ثلاث للقوة تعتمد على عنصر طبيعة المواجهة، القرب من الميدان والإيمان بالأهداف والتسليح و هو ما يمتلكه الحلفاء".
وأضاف المهدي أن "إيران دائما ما تدعم الحلفاء وتساعدهم في جميع الأصعدة خاصة من أجل حماية المنطقة من المخططات الإسرائيلية والأميركية"، مضيفاً أن "الأقوى هو من يثبت وجوده في الساحة سياسيا وعسكريا".
وأكد أنه "على الولايات المتحدة الضغط على إسرائيل لإيقاف القتل العشوائي للنساء والأطفال، في حين تسعى أميركا إلى حماية مصالحها ومصالح إسرائيل في البحر الأحمر".
وأشار المهدي الى أن "إسرائيل تريد جر أميركا نحو حرب استنزاف لا تخدم مصلحة بايدن".
وختم فائلاً: "لا تريد إيران الانجراف إلى حرب إقليمية وتوسيع نطاق الحرب التي قد تؤدي بحياة الأبرياء ولكنها لا تخشاها في حال أعلنتها واشنطن وإسرائيل".
من جهته، يقول الكاتب والباحث السياسي، صلاح الجودر، إن "ما يحدث اليوم من مخاطر وتهديدات في المنطقة لطالما حذرت منه دول الخليج خاصة مع الرغبة الإيرانية في التواجد من خلال أذرعها المنتشرة في المنطقة، مؤكدا في ذات السياق على: "تخوف دول الخليج من الوضع غير الآمن والمتوتر في المنطقة".
وأضاف الجودر، "تبرؤ إيران من أن يكون لها دور في رفع منسوب التوتر في المنطقة وإلصاقها بأطراف أخرى"، مشيراً الى أنه "أصبحت الأذرع الإيرانية المنتشرة في المنطقة تفرض قوتها على إيران".
ولفت الى أن "الحرس الثوري الإيراني يقوم بتحريض الجماعات والأذرع الموالية لها للقيام بهذه الأعمال والتهديدات في المنطقة".
وأردف الجودر أن "هناك ضرورة لإيجاد حل للفلسطينيين وحل الدولتين لتهدئة المنطقة".
كما أشار الى "العمل على إبعاد وإقناع الجماعات الإيرانية بعدم إشعال نيران الحرب في المنطقة".
وتابع الجودر، "التشكيك في نوايا الإدارة الأميركية يعد السبب في التوتر الحاصل في المنطقة"، ولفت الى أن "الولايات المتحدة تدافع في البحر الأحمر عن المصالح الإسرائيلية".
وأضاف أنه "على واشنطن أن تعيد المسار إلى قراءة صحيحة للملف النووي".
وختم الجودر، "نفي إيران لكل الاتهامات الموجهة إليها بتأجيل الأوضاع في المنطقة والدفع إلى توسيع نطاق الحرب بالرغم من وجود دلائل حول مساعدتها ودعمها للجماعات التي تعمل تحت إمرة إيران".
وحول الدور الأميركي لما يحدث في المنطقة من توتر أمني، علق المدير التنفيذي لمركز السياسة الأمنية، فريد فليتز، قائلاً: "لا أحد يستطيع في عصرنا الحالي تقبل أعمال العنف وقتل الأبرياء"، مردفا" أن "إيران هي من تتحكم في الجماعات المنتشرة في المنطقة وتمدهم بالدعم اللوجستي والأسلحة".
وأردف، أن تقديم إيران للأسلحة لهذه الجماعات المنتشرة في المنطقة هدفه زعزعة الأمن في المنطقة وتهديد التجارة البحرية الدولية"، مشيراً الى أن "أميركا ارتكبت خطأ فادح حين رفعت جماعة الحوثيين من قائمة الإرهاب".
وتابع فليتز،"ارتفاع عديد الأصوات التي تعتقد أن رد إدارة بايدن على الاستفزازات الإيرانية لم تكن بالشكل الكافي والمناسب، والدعوة بضرورة الرد على الوكلاء الإيرانيين في المنطقة لفرض الأمن".
وختم، "لا يرغب الكونغرس ولا الإدارة الأميركية في الرد في الوقت الحالي حتى لا يتم التصعيد وتوسيع نطاق الحرب في المنطقة".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News