بعد نحو 5 أشهر من الحرب في غزة بين إسرائيل وحركة حماس تظهر عدة مؤشرات على "خلافات وتوترات" بين الرئيس الأميركي، جو بايدن، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وفق تحليل لصحيفة "نيويورك تايمز".
وهذا الأسبوع، تناول بايدن ونتنياهو "مستقبل المعركة في غزة"، حيث تحدثا بفارق يوم واحد فقط، لكن برؤى مختلفة، حسبما تشير الصحيفة.
تحدث بايدن عن السلام وكيف يمكن للجهود المبذولة نحو أي اتفاق لوقف إطلاق نار مؤقت أن "تغير الديناميكية"، مما يؤدي إلى إعادة تنظيم أوسع من شأنها أن تنهي أخيرا الصراع الأساسي في الشرق الأوسط.
أما نتنياهو فتحدث عن الحرب وكيف ستستمر حتى لو كان هناك "وقف مؤقت لإطلاق النار" لضمان إطلاق سراح الرهائن.
ويعكس "التباين في الرؤى" التقويمات السياسية المتعارضة التي يعمل عليها بايدن ونتنياهو، حسب الصحيفة.
ولدى نتنياهو "مصلحة ملحة" في إطالة أمد الحرب مع حماس لتأجيل يوم الحساب عندما سيواجه المساءلة لفشله في منع الهجوم الذي وقع في 7 تشرين الأول، وفقا للصحيفة.
وعلى العكس من ذلك، لدى بايدن حافز قوي لإنهاء الحرب في أقرب وقت ممكن لإخماد الغضب في الجناح اليساري لحزبه قبل حملة إعادة انتخابه في الخريف عندما سيحتاج إلى الدعم.
وفي الوقت نفسه، لدى كل منهما سبب للاعتقاد بأنه قد يحصل على صفقة أفضل "إذا خسر الآخر منصبه"، على وصف "نيويورك تايمز".
وقال، فرانك لوينشتاين، المبعوث الخاص السابق للسلام في الشرق الأوسط في عهد الرئيس، باراك أوباما، إن "بايدن وبيبي (بنيامين نتنياهو)، لديهما جداول زمنية مختلفة فيما يتعلق بحرب غزة".
وتتجلى الأهداف المتباينة في محاولات التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن قبل بدء شهر رمضان.
وأشار بايدن خلال مقابلة مع برنامج، سيث مايرز، على شبكة "إن بي سي"، إلى أن شهر "رمضان يقترب وكان هناك اتفاق بين الإسرائيليين على عدم الانخراط في أنشطة خلال شهر رمضان من أجل إعطائنا الوقت لإخراج جميع الرهائن" المحتجزين لدى حركة حماس.
وقال في وقت سابق أثناء زيارة إلى نيويورك "آمل أنه بحلول الاثنين المقبل سيكون هناك وقف لإطلاق النار"، مضيفا أن بعض مستشاريه للأمن القومي قالوا له "إننا قريبون (...) ولم ننتهِ بعد".
لكن هذا يعتمد على موافقة نتنياهو على صفقة مع حماس.
وتدرس حماس حاليا المقترح الذي وافقت عليه إسرائيل في مباحثات مع وسطاء في باريس، الأسبوع الماضي، لهدنة ستوقف القتال لمدة 40 يوما، والتي ستكون أول توقف طويل في الحرب الدائرة منذ نحو خمسة أشهر، وفق وكالة "رويترز".
ولدى الجانبين وفدان في قطر لبحث التفاصيل.
وأفاد مصدر مطلع على المباحثات "رويترز"، بأن المقترح يشمل إطلاق حماس سراح بعض وليس كل الرهائن الذين تحتجزهم مقابل الإفراج عن مئات المعتقلين الفلسطينيين وزيادة المساعدات الإنسانية إلى غزة وانسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة في القطاع الفلسطيني.
وذكر مصدر كبير مطلع على المباحثات لـ"رويترز"، أن مسودة المقترح المطروحة حاليا تشمل هدنة مدتها 40 يوما ستطلق حماس خلالها 40 رهينة من بينهم نساء وأطفال دون 19 عاما ومن هم فوق 50 عاما والمرضى مقابل الإفراج عن 400 معتقل فلسطيني، بنسبة عشرة مقابل واحد.
وستعيد إسرائيل نشر قواتها خارج المناطق المأهولة، وسيُسمح لسكان غزة باستثناء الذكور في المرحلة العمرية التي يستطيعون خلالها القتال، بالعودة إلى المناطق التي نزحوا عنها من قبل وسيزيد حجم المساعدات إلى القطاع بما في ذلك دخول المعدات التي توجد حاجة ماسة لها لإيواء النازحين.
وتقول حماس منذ فترة طويلة إنها لن تطلق سراح جميع الرهائن لديها إلا في إطار اتفاق ينهي الحرب بينما قالت إسرائيل إنها لن تدرس سوى هدن مؤقتة ولن تنهي الحرب حتى تقضي على حماس التي شنت هجوما على مواقع ومناطق محاذية لقطاع غزة في السابع من تشرين الأول.
لكن العرض لا يلبي فيما يبدو المطلب الرئيسي الذي قدمته حماس بأن يشمل أي اتفاق مسارا واضحا لنهاية دائمة للحرب وانسحابا إسرائيليا من غزة، أو التوصل إلى حل بخصوص الرهائن الإسرائيليين في عمر الخدمة العسكرية.
وقالت المتحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية، تال هاينريش، في وقت سابق إن أي اتفاق سيتطلب أن تتخلى حماس عن "مطالب غريبة".
وأردفت قائلة "لدينا رغبة.. لكن يبقى السؤال هو ما إذا كانت حماس لديها رغبة".
وأضافت "إذا تمكنت حماس من الرجوع إلى الواقع فسنستطيع التوصل إلى اتفاق".
وكانت العلاقة بين بايدن ونتنياهو "معقدة" خلال الأشهر الأربعة الماضية، فبينما تعانقا على مدرج مطار في تل أبيب عندما جاء الرئيس الأميركي لزيارة إسرائيل بعد أيام قليلة من هجوم حماس، أصبحت مكالماتهما الهاتفية حادة بشكل متزايد.
وفي وقت ما من شهر كانون الاول، احتدمت المحادثة الهاتفين بينهما لدرجة أن بايدن "أغلق الهاتف أثناء حديثه مع نتنياهو"، حسبما ذكر موقع "أكسيوس".
وفي فبراير، أشار تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال"، إلى أن الخطط العسكرية الإسرائيلية الرامية لشن عملية برية "قوية" في رفح جنوبي قطاع غزة تسببت في تفاقم التوترات بين إدارة بايدن وحكومة نتنياهو.
وفي العلن، قاوم بايدن أي قطيعة وكان أكثر صراحة، واستمر في دعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وما زال يصف نفسه بأنه صهيوني، وفق "نيويورك تايمز".
وكان نتنياهو أكثر استعدادا لتحدي بايدن علنا، وهو الموقف الذي يسمح له بالقول إنه "الشخص الوحيد القادر على مواجهة الضغوط الأميركية من أجل تنفيذ حل الدولتين"، وبالتالي فلابد من بقائه في منصبه، مهما كانت الإخفاقات التي سبقت السابع من تشرين الأول.
وقال، ألون بنكاس، القنصل العام الإسرائيلي السابق في نيويورك: "كلما ابتعد نتنياهو عن السابع من تشرين الأول، قلت مسؤوليته ومساءلته، في رأيه".
وأضاف: "أعتقد أن نتنياهو يسعى إلى مواجهة مباشرة مع بايدن لأن ذلك مفيد لمصالحه السياسية".
ومع ذلك، فهي لعبة محفوفة بالمخاطر، وأصبح واضحا أكثر من أي وقت مضى مدى اعتماد إسرائيل التي تعمل بمفردها على الولايات المتحدة.
ولا يتعلق الأمر فقط بالذخائر التي تستخدمها إسرائيل في الحرب مع حماس ولكن للدفاع عنها على الساحة الدولية، حيث استخدمت واشنطن حق النقض "الفيتو"، ضد مشاريع قرارات في مجلس الأمن.
ويستطيع بايدن أن يقدم لنتنياهو شيئا "يريده الزعيم الإسرائيلي حقا"، وهو احتمال "تطبيع العلاقات مع السعودية"، وهو "نوع الإنجاز التاريخي الذي يريده أي رئيس وزراء لإرثه".
وجهة نظر بايدن هي أن "مثل هذا الاختراق لا يمكن أن يتحقق إلا إذا انتهت الحرب وتم طرح إقامة دولة فلسطينية على الطاولة".
ومع ذلك، فمن غير الواضح ما إذا كان نتنياهو، الذي قاوم مثل هذا الحل طوال معظم حياته المهنية الطويلة، يمكن أن يقبل حتى بهذه العملية.
وفي تقرير سابق لموقع "الحرة"، كشف مصدر دبلوماسي إسرائيلي أن الحكومة الإسرائيلية الحالية، برئاسة بنيامين نتنياهو، "لا تدعم حل الدولتين".
وقال المصدر، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن "إسرائيل دعمت لسنوات حل الدولتين لشعبين، والفلسطينيون رفضوا ذلك"، مشيرا إلى أن "حماس لا تؤيد حل الدولتين".
ويضيف: "حتى قبل 4-5 سنوات، كانت جميع الحكومات الإسرائيلية منذ التسعينيات تدعم حل الدولتين لشعبين، وحاولنا التفاوض مع الفلسطينيين ولكن في كل مرة اقتربنا من اتفاق سلام اختاروا العنف"، على حد تعبيره.
وقد يكون هدف نتنياهو المعلن في كثير من الأحيان بـ"القضاء على حماس"، غير واقعي عسكريا، وفقا لمحللين أمنيين، وبالتالي إذا فشل في تحقيق ذلك، يمكن لرئيس الوزراء أن يشير إلى الضغط الأميركي باعتباره السبب.
واعتبر، ميتشل باراك، خبير استطلاعات الرأي والمحلل الإسرائيلي الذي عمل كمساعد لنتنياهو في التسعينيات، أن نتنياهو قد يلقي باللوم على بايدن في حال "عدم تحقيق النصر الكامل".
وأضاف: "نحصل على مستوى غير مسبوق من الدعم من بايدن عسكريا ومعنويا وعاطفيا وعالميا، ومن جهتنا نردها بالحجج التافهة والإعلانات السياسية الداخلية".
وقد أصبح فريق بايدن يشعر بالإحباط بشكل متزايد بسبب ذلك، وكان مستشارو الرئيس يأملون أن تنتهي الحرب بحلول يناير، بحيث يركز الجميع بحلول الصيف على جهود إعادة الإعمار في غزة وجهود صنع السلام التي تؤدي إلى الحكم الذاتي الفلسطيني، بحسب "نيويورك تايمز".
لكن الأمور لم تجري على هذا النحو، حتى الآن، فقد انتهى شهر يناير، وشهر فبراير يقترب أيضا من الانتهاء، والجدول الزمني لبايدن ونتنياهو" يتجه نحو الاصطدام"، وفق الصحيفة.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News