بالتزامن مع العمليات العسكرية في قطاع غزة، يشهد القطاع حربا من نوع أخر تتعلق بالبحث عن الرهائن وتجميع الأدلة للوصول إلى أماكن احتجازهم، حيث تقوم حركة حماس بنقل بعضهم من شقة إلى أخرى لإخفاء مكان وجودهم، في حين يعتقد أن آخرين موجودون في أنفاق تحت الأرض، وفق تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز".
ويرى العالم في أغلب الأحيان أن الغارات الجوية والغزو البري، التي تقول إسرائيل إنها تهدف إلى "تفكيك وتدمير حماس"، أدت إلى تحويل جزء كبير من الأراضي إلى أنقاض، الأمر الذي أسفر عن أزمة إنسانية.
لكن عملية إنقاذ الرهائن الأربعة، السبت، كانت بمثابة تذكير بأن إسرائيل وحماس منخرطتان في "معركة أخرى أقل وضوحا".
وكان الجيش الاسرائيلي قد أعلن أن نوعا أرغماني (26 عاما) وألموع مئير (22) وأندري كوزلوف (27) وشلومي زيف (41) "حرروا في عملية خاصة صعبة خلال النهار في النصيرات"، في وسط قطاع غزة.
وخطف هؤلاء جميعهم من مهرجان نوفا الموسيقي خلال هجوم حركة حماس على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول.
والمسلحون عازمون على الاحتفاظ بالرهائن الذين اختطفوا خلال هجومهم في 7 تشرين الأول على إسرائيل، لاستخدامهم كورقة مساومة، بينما الإسرائيليون عازمون على إعادتهم إلى وطنهم.
ويقول مسؤولون إسرائيليون وأميركيون إنهم "لا يعرفون مكان احتجاز العديد من الرهائن"، وحتى عندما يفعلون ذلك، في كثير من الحالات، تكون مهمة الإنقاذ ببساطة غير ممكنة.
وحتى الآن، أنقذت إسرائيل ما مجموعه سبعة رهائن، ولكن منذ بدء الحرب، مات المزيد من الرهائن، سواء أثناء القتال أو على أيدي حماس، فقد استعادت إسرائيل "جثثا أكثر بكثير من الرهائن الأحياء".
وعلى الرغم من كل عمليات الإنقاذ التي جرت السبت، يقول المسؤولون الإسرائيليون والأميركيون إن تعقيد العملية نفسها والعنف الذي رافقها يسلط الضوء على التحديات التي تواجه العثور على الرهائن وإخراجهم.
ويقول مسؤولون إسرائيليون وأميركيون حاليون وسابقون، إنه من المرجح أن تغير حماس تكتيكاتها، وتسعى إلى نقل المزيد من الرهائن إلى الأنفاق وربما بعيداً عن متناول قوات الكوماندوز.
ويؤكد المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون، أن "عمليات الإنقاذ ستكون الاستثناء، ولن تتم إعادة غالبية الرهائن المتبقين إلى وطنهم إلا من خلال الوسائل الدبلوماسية".
ويضغط المسؤولون الأميركيون على إسرائيل وحماس للموافقة على صفقة من شأنها إعادة الرهائن كجزء من الهدنة.
وقال آفي كالو، وهو مقدم في قوات الاحتياط الإسرائيلية، والذي كان يرأس في السابق قسم المخابرات العسكرية الذي كان يتعامل مع أسرى الحرب والعسكريين: "يجب على المرء أن يتذكر أن إطلاق سراح الرهائن الأربعة هو في نهاية المطاف إنجاز تكتيكي لا يغير الجانب الاستراتيجي".
ولا يزال لدى حماس عشرات الرهائن، لن يتم إطلاق سراح الغالبية العظمى منهم، إن لم يكن جميعهم من خلال عمليات ولكن لا يمكن إنقاذهم إلا كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار".
وعلى الرغم من أن إطلاق سراح الرهائن كان يمثل أولوية منذ بدء الحرب، إلا أن بعض المسؤولين الأميركيين يقولون إن مستوى التركيز الإسرائيلي على هذا الهدف قد "تباين".
والقتل "غير المتعمد" لثلاثة رهائن في كانون الأول، عندما أطلقت القوات الإسرائيلية النار على ثلاثة رجال فروا من خاطفيهم في شمال غزة، أوضح أن القوات الإسرائيلية لم تكن دائما منتبهة لمطاردة الرهائن.
ويقول مسؤولون إسرائيليون إن الجيش تعلم من هذا الخطأ.
وقال مسؤولون إسرائيليون إنه يعتقد أنه تم أسر 251 شخصا خلال هجمات 7 تشرين الأول، وأدى اتفاق بين إسرائيل وحماس في تشرين الثاني الماضي إلى إطلاق سراح 105 منهم.
ومنذ ذلك الحين، أُعلن رسميا عن وفاة 43 من الرهائن المتبقين، ويُعتقد أن العديد منهم، ولكن ليس جميعهم، ماتوا في الأسر.
وقال مسؤولون إسرائيليون إنهم يعتقدون أن أقل من 60 شخصا ما زالوا على قيد الحياة.
وقال مسؤولون أميركيون إن هناك خمسة مواطنين مزدوجي الجنسية في غزة ما زالوا على قيد الحياة، وثلاث جثث لأميركيين تحتجزهم حماس.
طوال تاريخها، بذلت إسرائيل جهودا كبيرة لإعادة الرهائن إلى بلادهم، والمبدأ الراسخ منذ زمن طويل هو استخدام القوة العسكرية كخيار أول في محاولة إنقاذ إسرائيلي.
وإذا كان الإنقاذ مستحيلا، فإن إسرائيل ستعقد "صفقة"، وفي بعض الأحيان تتخلى عن أكثر من ألف أسير فلسطيني مقابل جندي إسرائيلي واحد أسير.
وفي وقت مبكر من الحرب، اعتقد بعض مسؤولي المخابرات أن معظم الرهائن كانوا محتجزين في الأنفاق.
ولكن هناك صعوبة في الاحتفاظ بالرهائن تحت الأرض، ولذلك فاحتجازهم في شقق مؤيدي حماس "أصبح أسهل".
ويعتقد المسؤولون الإسرائيليون والأميركيون أنه يتم نقل بعض الرهائن الآن، ونظرا للقصف الإسرائيلي على قطاع غزة، فقد تقلصت المناطق التي يمكن لحماس أن تخفي فيها المحتجزين.
ولذلك فقد تزايدت فرص اكتشاف أماكن تواجد الرهائن والعثور عليهم، كما قال مسؤولون أميركيون وإسرائيليون.
ومع ازدياد صعوبة الحركة في غزة، انهارت الاتصالات بين كتائب حماس وقيادتها المركزية، ونتيجة لذلك، بقي بعض الرهائن لـ"فترة أطول في مخابئهم"، وفقا لمسؤولين أميركيين.
وفي حين يعتقد المسؤولون الأميركيون أن حماس لها يد في معاملة جميع الرهائن، فإن بعضهم "غير محتجزين لدى الحركة"، لكنهم موجودين لدى فصائل مسلحة مثل الجهاد الإسلامي.
ولهذا السبب، بدت قيادة حماس غير متأكدة من عدد الرهائن الذين كانوا في غزة، وفقاً لمسؤولين أميركيين وإسرائيليين.
ويشعر المسؤولون الإسرائيليون والأميركيون بقلق متزايد بشأن صحة الرهائن، الذين تعرضوا للإيذاء العقلي والجسدي على مدى فترة أسرهم الطويلة.
وبقدر الجهد الذي تبذله إسرائيل للبحث عن الرهائن، يعمل قادة حماس على إبقائهم مخفيين، لاستخدامهم كورقة ضغط بمحادثات وقف إطلاق النار.
لكن الرهائن تؤدي أيضا دورا آخر، ويعتقد أن مجموعة صغيرة منهم محتجزين بالقرب من يحيى السنوار، زعيم حركة حماس في غزة.
ويتم استخدام هؤلاء الرهائن كـ"دروع بشرية"، مما يجعل من الصعب على إسرائيل استهداف السنوار.
وواجه الأميركيون والإسرائيليون صعوبة في تحديد الموقع الدقيق للسنوار وهؤلاء الرهائن.
ويقول مسؤولون أميركيون إن السنوار تنقل في أنحاء غزة، وقام بالاختباء بأنفاق تحت رفح لبعض الوقت، ومن المرجح أن يعود الآن إلى خان يونس، ثاني أكبر مدينة في غزة.
وقال مسؤول أميركي إن شبكة الأنفاق هناك واسعة، ولم تتمكن الولايات المتحدة ولا إسرائيل من تحديد موقعه بدقة.
وأصدر قادة حماس أوامر دائمة لمقاتليهم الذين يحتجزون الرهائن بأنه "إذا اعتقدوا أن القوات الإسرائيلية قادمة، فإن أول شيء يجب عليهم فعله هو إطلاق النار على الأسرى"، وفقا لمسؤولين إسرائيليين.
واندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس، إثر هجوم الحركة "غير المسبوق" على مناطق ومواقع محاذية لقطاع غزة في السابع من تشرين الأول، والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.
وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل "القضاء على حماس"، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أتبعت بعمليات برية منذ 27 تشرين الأول، أسفرت عن سقوط أكثر من 37084 قتيلا، معظمهم من النساء والأطفال، وفق ما أعلنته وزارة الصحة في القطاع.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News