اقليمي ودولي

placeholder

سكاي نيوز عربية
السبت 14 كانون الأول 2024 - 16:20 سكاي نيوز عربية
placeholder

سكاي نيوز عربية

بين روسيا وسوريا... مصيرُ التعاون العسكري وسط التحولات

بين روسيا وسوريا... مصيرُ التعاون العسكري وسط التحولات

في ظل التطورات المتسارعة على الأرض السورية، تتزايد التساؤلات حول مصير الوجود العسكري الروسي في سوريا، وسط تغييرات في موازين القوى السياسية والعسكرية في المنطقة. النقاش الدائر يتراوح بين احتمال انسحاب جزئي للقوات الروسية إلى إعادة هيكلة هذا الوجود بما يخدم مصالح موسكو ويأخذ في اعتباره المستجدات الميدانية والسياسية في سوريا.

في حديثه لقناة "سكاي نيوز عربية"، أكد الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد أحمد رحال، أن "روسيا تدرك تماماً أن وجودها في سوريا مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتحولات السياسية والميدانية". وأضاف أن معظم الجيش السوري يعتمد بشكل كبير على التسليح والتدريب الروسي، بنسبة تصل إلى 95%، مما يجعل العلاقة العسكرية بين موسكو ودمشق مرتبطة بشكل وثيق.

وأشار رحال إلى أن "القرار النهائي بشأن الوجود العسكري الروسي في سوريا سيكون بيد الشعب السوري والقيادة الجديدة، التي قد تعيد النظر في الاتفاقات التي أبرمت مع روسيا، خاصة تلك التي اعتُبرت مجحفة وتمس السيادة السورية". وأكد أن "التحول إلى المنظومة الغربية، إن حدث، سيحتاج إلى إعادة هيكلة شاملة مع موارد اقتصادية هائلة".

وتطرّق رحال إلى القواعد الروسية في سوريا مثل حميميم وطرطوس، مشيراً إلى أن "الوجود الروسي قد يخضع لإعادة صياغة وفقاً لتفاهمات مستقبلية، ما يعني أن السياسة هي التي تتحكم في الوجود العسكري".

من جهة أخرى، صرح الكاتب والباحث السياسي الروسي، يفغيني سيدروف، في حديثه حول هذا الموضوع، أن "الحديث عن انسحاب روسي كامل من سوريا ما زال مبكراً للغاية". ولفت إلى أن هناك "تحركات ومفاوضات جارية بين روسيا والفصائل السورية وربما مع الحكومة المؤقتة"، مؤكداً أن "مستقبل الوجود الروسي قد يكون محدوداً في الفترة القادمة، وقد يقتصر على قواعد معينة مثل حميميم وطرطوس استناداً إلى اتفاقات جديدة تراعي التوازنات السياسية والاقتصادية".

وأشار سيدروف إلى أن "الوجود العسكري الروسي ليس هدفاً بحد ذاته، بل هو جزء من استراتيجية أوسع تشمل الأبعاد الاقتصادية والسياسية". ورغم وجود روابط تاريخية قوية بين روسيا وسوريا، فإن التدخل العسكري الروسي لدعم نظام الأسد قد أثار استياءً واسعاً بين فئات الشعب السوري، مما يجعل مواقفهم من الوجود الروسي متباينة.

تظل مسألة الوجود الروسي في سوريا محط جدل واسع، ويبدو أن بقاء القوات الروسية أو تقليصها في البلاد سيعتمد بشكل أساسي على التوازنات السياسية المستقبلية. كما ذكر العميد رحال، "المرحلة القادمة قد تشهد توافقاً بين الشرق والغرب بما يضمن حالة وسطية تحافظ على مصالح جميع الأطراف". أما سيدروف فقد أشار إلى أن "روسيا تسعى إلى تحقيق مكاسب استراتيجية طويلة الأمد، مما يجعل من الصعب تصور انسحاب كامل في المستقبل القريب".

وكشفت تقارير غربية أن روسيا تستعد لإخلاء قواعدها العسكرية في سوريا، في خطوة تواكب التحولات المتسارعة في البلاد بعد سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد. وقد أكدت تقارير استخباراتية وصور فضائية عبر الأقمار الاصطناعية أن موسكو بدأت بالفعل جمع عتادها العسكري من بعض القواعد في سوريا، في ظل التنسيق مع الأطراف المعنية للانسحاب المنظم.

وفقاً لشركة "ماكسار" التي تقدم خدمة الصور الفضائية، فقد التقطت صور حديثة تظهر أن روسيا بدأت عملية جمع معداتها العسكرية من قاعدة حميميم الجوية في محافظة اللاذقية الساحلية. تظهر الصور طائرتين من طراز أنتونوف أيه.إن-124 في وضع استعداد لتحميل العتاد العسكري استعداداً لنقله.

وتكشف الصور أيضاً عن تفكيك مروحية مقاتلة من طراز كيه.أيه-52 بالقرب من القاعدة، ما يعكس إشارة واضحة إلى أن روسيا تعد هذه المعدات للنقل. كما تتجه التحضيرات لتفكيك أجزاء من منظومة الدفاع الجوي الروسية إس-400 التي كانت منتشرة في القاعدة، وهو ما يشير إلى عملية سحب من مواقع استراتيجية هامة.

في حين لا تزال القاعدة البحرية الروسية في طرطوس، التي تعد واحدة من أبرز القواعد الروسية في البحر المتوسط، كما هي دون تغييرات كبيرة، استمر رصد فرقاطتين روسيتين قبالة سواحل المنطقة. ومع ذلك، أفادت وكالة الأنباء الألمانية استنادًا إلى مذكرة داخلية من وزارة الدفاع الألمانية أن وحدة البحرية الروسية قد غادرت بالفعل ميناء طرطوس، ما يضيف إلى دلائل تراجع الوجود العسكري الروسي في سوريا.

وقال مراسل القناة البريطانية الرابعة إنه شاهد قافلة تضم أكثر من 150 مركبة عسكرية روسية تتحرك على أحد الطرق في سوريا، ما يعكس حجم التحركات الروسية في هذه المرحلة. أضاف المراسل أن القوات الروسية تتم تحركاتها بنظام محكم، مما يوضح أن موسكو قد توصلت إلى اتفاق يسمح لها بالخروج المنظم من سوريا بعد التغيرات الإقليمية والعسكرية في البلاد.

وتعتبر التحركات الروسية جزءاً من سلسلة تحولات كبرى في المنطقة بعد سقوط نظام بشار الأسد، مع تزايد الاهتمام الدولي بالإستقرار في سوريا. وفي الوقت الذي تنسحب فيه القوات الروسية من بعض المواقع العسكرية، تبقى القواعد الأخرى تحت رقابة القوى المختلفة في المنطقة، بينما تنسحب القوات الأميركية من مواقعها التي كانت قد استولت عليها في السنوات الأخيرة، مما يفتح الباب أمام تفاهمات جديدة حول مستقبل سوريا.

القواعد العسكرية الروسية في سوريا:
قاعدة طرطوس البحرية: تعتبر قاعدة طرطوس البحرية إحدى أهم القواعد الروسية في البحر المتوسط، إذ تضم وحدات من أسطول البحر الأسود، وهي المركز الوحيد لإصلاح السفن الروسية في البحر المتوسط. تأسست القاعدة عام 1977، وقامت روسيا بتوسيعها وتحديثها في عام 2012، مما يسمح للسفن الروسية بالبقاء في المنطقة دون الحاجة للعودة إلى روسيا.

قاعدة حميميم الجوية: تقع هذه القاعدة بالقرب من اللاذقية وتعد القاعدة الجوية الدائمة الوحيدة لروسيا خارج نطاق دول الاتحاد السوفيتي السابق. استخدمت القاعدة لشن غارات جوية على قوات المعارضة المسلحة في سوريا، كما كانت محورية في نقل المتعاقدين العسكريين الروس إلى مناطق أخرى في أفريقيا.

قاعدة منبج العسكرية: سيطرت القوات الروسية على قاعدة منبج العسكرية بعد انسحاب القوات الأميركية من المنطقة في عام 2019، وكانت تستخدم كموقع للرقابة على الوضع في شمال سوريا.

قاعدة كوباني العسكرية: استخدمت القاعدة لمراقبة اتفاق وقف إطلاق النار على الحدود التركية السورية بعد اتفاق عام 2020. وفقًا للمصادر السورية، تتواجد روسيا في 21 قاعدة و93 نقطة عسكرية في سوريا.

وفي سياق التحركات العسكرية الروسية، أشار مسؤول أمني سوري متمركز قرب قاعدة حميميم الجوية إلى أن طائرة شحن روسية غادرت القاعدة متجهة إلى ليبيا، فيما يُتوقع إقلاع المزيد من الطائرات الروسية في الأيام المقبلة لنقل العتاد العسكري إلى مناطق أخرى.

تأتي هذه النقاشات في وقت حساس بالنسبة للموقف الروسي في سوريا، خصوصاً مع تزايد الضغوط الإقليمية والدولية على موسكو في ظل الأزمات المتعددة في الشرق الأوسط. وتزامن ذلك مع التغيرات السياسية الداخلية في سوريا واحتمال تغير القيادة في المستقبل، وهو ما قد يعيد تشكيل التحالفات مع روسيا. على الرغم من ذلك، يبدو أن روسيا تسعى للحفاظ على وجودها العسكري في سوريا بما يضمن لها النفوذ الاستراتيجي في المنطقة، رغم تعقيد المشهد السوري.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة