وصل وفد دبلوماسي فرنسي برئاسة جان فرانسوا غيوم إلى العاصمة السورية دمشق يوم الثلاثاء، في أول زيارة من نوعها منذ 12 عامًا. وتعد هذه الزيارة نقطة تحول في العلاقات الدبلوماسية بين فرنسا وسوريا، حيث تأتي في وقت حساس تشهد فيه سوريا تطورات سياسية قد تفتح أبواباً جديدة للتعاون الدولي في المستقبل.
وأكد غيوم فور وصوله إلى دمشق أن "فرنسا تستعد للوقوف إلى جانب السوريين خلال فترة الانتقال". وأشار إلى أن الزيارة تركز على إعادة بناء الجسور مع السلطات السورية، إضافة إلى التقييم الدقيق للاحتياجات الإنسانية العاجلة في سوريا. وقد تم رفع العلم الفرنسي على مبنى السفارة الفرنسية في دمشق، التي كانت قد أغلقت منذ عام 2012 عقب اندلاع الصراع السوري.
وفي تصريحات له، أضاف غيوم أن الوفد الفرنسي يهدف إلى إجراء اتصال مع السلطات الفعلية في دمشق، مشيراً إلى أن باريس تعمل على استعادة ممتلكات فرنسية في سوريا والعمل على تعزيز العلاقات في المرحلة المقبلة.
حسب وكالة فرانس برس، فإن زيارة الوفد الفرنسي التي تضم أربعة دبلوماسيين تهدف إلى إقامة اتصالات أولية مع الحكومة السورية الجديدة، وهو ما يعكس رغبة فرنسية في الاستماع إلى مختلف الأطراف بشأن المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد. وكشف وزير الخارجية الفرنسي، جون نويل بارو، في تصريحات سابقة أن هذه الزيارة ستعمل على تقييم الاحتياجات الإنسانية في سوريا والعمل على تقديم الدعم الفني من خلال الخبرة الفرنسية، خاصة في ملف المفقودين و ضحايا النظام السوري.
For the first time since 2012, the French flag is now flying over the French Embassy building in Damascus. pic.twitter.com/73QSJKqMGH
— Nedal Al-Amari (@nedalalamari) December 17, 2024
وفيما يتعلق بتقديم المساعدات، أشار بارو إلى أن فرنسا ستركز على دعم مشاريع إنسانية وإعادة الإعمار في سوريا ضمن إطار الاتحاد الأوروبي، مع التأكيد على أهمية رفع بعض العقوبات الأوروبية المفروضة على سوريا، بشرط ضمان تمثيل شامل لكافة مكونات المجتمع السوري في الحكومة الانتقالية.
أكد الوزير الفرنسي أن دعم بلاده لعملية الانتقال السياسي في سوريا مرهون بـاحترام متطلبات فرنسا، والتي تشمل تسوية سياسية تلبي طموحات جميع فئات المجتمع السوري، وتحترم حقوق الإنسان، و القانون الدولي. وأضاف بارو في حديثه لإذاعة فرنسا الدولية أن عملية الانتقال في سوريا يجب أن تضمن حقوق الأقليات، وأن تُشرك كافة الأطراف في العملية السياسية في إطار مصالحة وطنية شاملة.
ويأتي التحرك الفرنسي في وقت يشهد فيه الصراع السوري هدنة غير مستقرة، بعد أكثر من عقد من الحرب، حيث تمثل هذه الزيارة محاولة لتقديم دعم إنساني وتقني للسوريين على مختلف الأصعدة، وفتح باب جديد للتعاون مع الحكومة السورية بعد سنوات من القطيعة.
في ذات السياق، أرسلت كل من ألمانيا و بريطانيا وفوداً دبلوماسية إلى سوريا في الأيام القليلة الماضية لعقد لقاءات مع الحكومة الانتقالية السورية، حيث تهدف هذه اللقاءات إلى بحث سبل التعاون في مجالات الاستقرار السياسي و الجهود الإنسانية. وذكرت مصادر دبلوماسية أن هذه الزيارة قد تشكل نقطة تحول في السياسة الأوروبية تجاه دمشق، إذ تساهم في فتح قنوات الحوار مع الحكومة السورية.