"قيودٌ على المتحوّلين جنسياً"... ترامب يعيد هيكلة الجيش الأميركي

في خطوة لافتة تزامنت مع عودته إلى البيت الأبيض، وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مساء امس الإثنين، سلسلة أوامر تنفيذية شملت قضايا حساسة تخص الجيش الأميركي، بما في ذلك تقييد خدمة المتحوّلين جنسياً، وإعادة العسكريين المفصولين بسبب رفضهم تلقي لقاح كوفيد-19، وإنشاء نظام دفاع صاروخي جديد.

أمر ترامب بإلغاء سياسات سابقة تسمح للمتحوّلين جنسياً بالخدمة في الجيش الأميركي، مشيراً إلى أن ذلك يضر بالجاهزية العسكرية ويؤثر على الانضباط. وأعاد القرار إلى الواجهة جدلاً طويل الأمد حول دور الهوية الجندرية في القوات المسلحة، خاصة بعد أن كانت الإدارة السابقة قد رفعت القيود عن المتحوّلين جنسياً عام 2016.

وجّه ترامب وزارة الدفاع بإعادة تعيين العسكريين الذين فُصلوا لرفضهم تلقي لقاح كوفيد-19، بشرط استيفاء معايير اللياقة البدنية والصحية المطلوبة.

أصدر ترامب أمراً بتطوير نظام دفاع صاروخي مستوحى من القبة الحديدية الإسرائيلية، لكنه بمواصفات تلائم التهديدات التي تواجه الأراضي الأميركية. وأكد البنتاغون أن المشروع سيكون "ضخماً وحساساً"، مشيراً إلى تحديات تتعلق بالمساحة الجغرافية للولايات المتحدة وطبيعة التهديدات.

شمل قرار آخر إلغاء جميع برامج التنوع والإنصاف والشمول في وزارتي الدفاع والأمن الداخلي، معتبراً أن هذه السياسات تقوّض مبدأ الكفاءة وتتنافى مع الدستور.

شهدت السياسات الأميركية تغيّرات متكررة خلال العقد الماضي. في عهد الرئيس باراك أوباما، رُفعت القيود عن المتحوّلين جنسياً في الجيش، لكن ترامب حاول عكس هذا القرار في فترته الأولى دون نجاح كامل بسبب عقبات قانونية. بدوره، أعاد الرئيس السابق جو بايدن السماح لهم بالخدمة في 2021.

في عام 2021، جعلت وزارة الدفاع الأميركية تلقي لقاح كوفيد-19 إلزامياً لجميع أفراد الخدمة، ما أدى إلى فصل آلاف العسكريين الذين رفضوا الالتزام. ورغم فتح باب العودة لبعضهم لاحقاً، فإن الأعداد التي استجابت للعودة ظلت منخفضة.

يعكس هذا القرار مخاوف متزايدة من تهديدات صاروخية محتملة من روسيا والصين. ويهدف المشروع إلى بناء نظام قادر على التصدي للهجمات الصاروخية باستخدام تقنيات متقدمة تُنشر في الفضاء.

تعتبر برامج التنوع والشمول في المؤسسات الحكومية مثار جدل بين الجمهوريين والديمقراطيين. وسبق أن أطلق ترامب حملة ضد ما وصفه بـ"الأيديولوجيا العرقية"، مروجاً لسياسات تعزز الكفاءة المهنية بدلاً من التفضيلات العرقية.

لقيت هذه القرارات انتقادات حادة من منظمات حقوقية مثل "لامبدا ليغال" و"حملة حقوق الإنسان"، التي أعلنت نيتها مقاضاة الإدارة بشأن تقييد حقوق المتحوّلين جنسياً.

من جهة أخرى، أثنى الجمهوريون على هذه الخطوات، معتبرين أنها تعزز الجاهزية العسكرية وتضع حداً لما وصفوه بـ"التسييس" داخل الجيش.

وكان قد وقع ترامب أمرًا تنفيذيًا يوم امس الاثنين يوجه وزير الدفاع بيت هيجسيث إلى مراجعة سياسة البنتاغون المتعلقة بخدمة المتحولين جنسياً في الجيش، في خطوة قد تمهد الطريق لحظر جديد على خدمتهم العسكرية.

تأتي هذه الخطوة بعد محاولات ترامب السابقة خلال ولايته الأولى لفرض حظر على انضمام المتحولين جنسياً إلى الجيش، وهي السياسة التي واجهت معارضة قانونية في المحاكم لسنوات، قبل أن يلغيها الرئيس جو بايدن فور توليه منصبه عام 2021.

نص الأمر التنفيذي على أن الأفراد الذين يعرّفون أنفسهم بجنس مختلف عن جنسهم البيولوجي "يتعارضون مع الالتزام بقيم الجندي من حياة شريفة ومنضبطة". وأكد ترامب في قراره أن ذلك قد يؤثر على جاهزية الجيش الأميركي، ما يستدعي وضع سياسة جديدة لمعالجة هذه المسألة.

من جانبهم، أكد محامو الجنود المتحولين جنسياً الذين خاضوا معارك قضائية سابقة ضد حظر ترامب الأول، عزمهم على مواصلة النضال القانوني في وجه أي إجراءات حظر جديدة. وأوضح أحد المحامين أن "حقوق المتحولين جنسياً في الجيش هي جزء من النضال من أجل المساواة داخل القوات المسلحة".

أثار موضوع انضمام المتحولين جنسياً إلى الجيش الأميركي جدلاً واسعاً خلال السنوات الماضية. ففي عام 2017، أعلن ترامب عبر تغريدة نيته منعهم من الخدمة، بحجة "الأعباء الطبية والنفقات المترتبة على الجيش". قوبل هذا القرار برفض كبير من جماعات حقوق الإنسان ومنظمات الدفاع عن الحريات المدنية، كما تم الطعن عليه في المحاكم الاتحادية، مما حال دون تنفيذه بشكل كامل.

يشير مراقبون إلى أن إعادة إثارة القضية في ظل الإدارة الحالية قد تشعل موجة جديدة من الانقسامات داخل الجيش، فضلاً عن معارضة شعبية وقانونية مشابهة لما شهدته في الماضي.