تشهد الساحة السورية تصاعدًا حادًا في التوترات السياسية والعسكرية بين الإدارة السورية الجديدة وقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، وذلك بعد مطالبات الإدارة السورية الجديدة قوات سوريا الديمقراطية بتسليم أسلحتها والانطواء تحت سلطتها، الأمر الذي ترفضه "قسد" وقد يؤدي إلى اندلاع مواجهات عسكرية بين الطرفين.
وتحاول "قسد" الإبقاء على كيانها المستقل عن العاصمة دمشق وعدم تسليم سلاحها للإدارة السورية الجديدة، خصوصاً بعد قرار القوات الأميركية بسحب قواتها من سوريا، حيث تعمل وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" على وضع خطط لسحب القوات الأميركية من سوريا، وفقا لما أفاد به مسؤولان في وزارة الدفاع لشبكة "إن بي سي" الإخبارية، وقال المسؤولان إن ترامب ومسؤولين مقربين منه أعربوا مؤخرا عن اهتمامهم بسحب القوات الأميركية من سوريا، مما دفع مسؤولي البنتاغون إلى البدء في إعداد خطط للانسحاب الكامل خلال 30 أو 60 أو 90 يوما.
الأمر الذي أدى إلى تصاعد الدعوات الكردية لتدخل إسرائيلي، وأبداء الإسرائيليين استعدادهم لتقديم الدعم السياسي والعسكرية اللازمين للأكراد، وهذا ما أكدته الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية بـ"الإدارة الذاتية" في شمال شرق سوريا، إلهام أحمد، في مقابلة مع صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، حيث دعت قوات الجيش الإسرائيلي إلى التدخل في سوريا، وقالت إلهام أحمد إن "إسرائيل" يجب أن تكون جزءًا من الحل لأمن الشرق الأوسط، الأمر الذي يدل على العلاقة المتينة والممتدة لسنوات بين الأكراد وإسرائيل.
وفي نفس السياق أكد بعض المصادر المقربة من قوات سوريا الديمقراطية، عن مفاوضات سرية بين إسرائيل و"قسد"، بحثت طلبات تسليح بشحنات أسلحة ضخمة تشمل ما استولى عليه الجيش الإسرائيلي في حربة ضد حزب الله جنوب لبنان، وفي المناطق التي توغل إليها داخل الأراضي السورية ابتداء من جبل الشيخ شمالا وحتى قرية المعرية في درعا باتجاه الحدود الأردنية السورية جنوبا.، عقب سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول الماضي.
وبحسب المصادر فأن هذا المفاوضات لم تكلل بالنجاح، وذلك بعد رفض واشنطن إرسال هذه الأسلحة إلى الأكراد، وفضلت إرسالها إلى أوكرانيا وذلك للضغط على روسيا في المفاوضات المرتقبة بين الجانبين، الأمر الذي سيترك القوات الكردية وسط تقلص الدعم الجوي واللوجستي، وزيادة الضغوط من تركيا ودمشق، تجاه "قسد"، وسيتطلب إعادة تقييم استراتيجياتها وعسكرية وسياسية.
هذا وذكرت القناة 14 الإسرائيلية مؤخراً أن إسرائيل بدأت بنقل كميات كبيرة من الأسلحة الروسية السوفيتية الصنع، التي استولت عليها كغنائم حرب من جنوب سوريا إضافة الى ما غنمته من حزب الله في جنوب لبنان، إلى أوكرانيا لدعمها. ووفقًا للقناة الإسرائيلية تم استخدام طائرات نقل أميركية لنقل هذه الأسلحة من قاعدة هاتزريم الجوية في إسرائيل إلى مركز لوجستي في بولندا، المعروف بدوره في ايصال المساعدات العسكرية لأوكرانيا.
وأشارت القناة الإسرائيلية إلى أن طائرات النقل الأميركية، القادرة على حمل ما يصل إلى 77 طنًا، كان تحمل على متنها، قاذفات صواريخ موجهة مضادة للدبابات، صواريخ آر بي جي وصواريخ حرارية متطورة، وأنظمة صواريخ متنقلة مضادة للطائرات، إضافة إلى كميات كبيرة من الذخائر ومعدات حربية أخرى.
وبحسب المحلل السياسي الكردي أحمد أبو العز، فأن إسرائيل ارادت إرسال هذه الأسلحة إلى "قسد"، الا أنها رضخت للضغوط الأميركية المُطالبة بضرورة نقلها إلى أوكرانيا، وبالتالي هذا الأمر قد يزعزع التحالف الكردي – الإسرائيلي، خصوصاً مع التحركات الأخيرة للجيش التركي على الحدود التركية – السورية، حيث قام الجيش بنقل المعدات والمركبات العسكرية والذخائر من مدينة سروج في شانلي أورفا نحو حدود عين العرب "كوباني" استعدادًا لتنفيذ عملية عسكرية كبير، إذ أن تركيا تعتبر القوات الكردية إمتداداً لحزب العمال الكردستاني وتهديداً لأمنها القومي وتصنفها على قوائم الإرهاب.
هذا وشدد أبو العز إلى أن تركيا تعمل على تحسين التعاون في ملف الجيش مع الإدارة الجديدة في سوريا بقيادة أحمد الشرع، الأمر الذي سيضعف فرص الأكراد في الحفاظ على مناطقهم، خصوصاً مع تأكيدات أحمد الشرع على ضرورة توحيد سوريا، واستعادة السيطرة على منابع النفط في سوريا.
وفي الوقت ذاته، يثير هذا السيناريو قلقا كبيراً لدى إسرائيل، حيث أنها ستخسر المناطق النفطية التي تعد استثماراً مربحاً لها، خصوصاً وأن "قسد" عملت على مدار الحرب الأهلية على تهريب كميات كبيرة من النفط السوري الى إسرائيل من البوكمال السورية عبر قاعدة التنف والأردن بأسعار رخصية، وتسيطر القوات الكردية على حوالي 30% من الأراضي السورية. وتشمل منطقة سيطرتها الفعلية الجزء الأكبر من النفط والغاز في سوريا، وجزءاً كبيراً من أفضل أراضيها الزراعية ومواردها المائية.
يُشار الى أن قائد "قسد" مظلوم عبدي، صرح في الأيام الماضية أن المطلب الأساسي للقوات هو الإدارة اللامركزية، وهاجم تركيا قائلاً بأنها "تريد احتلال مدينة عين العرب كوباني، ومن ثم السيطرة على كل سوريا". بينما صرح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أنه على المسلحين الأكراد في سوريا تسليم أسلحتهم، محذرًا من أنهم إذا لم يفعلوا ذلك، "فإنهم سيدفنون في الأراضي السورية".
وفي الختام أكد أحمد أبو العز إلى أن الوضع السوري لا زال غير مستقراً في ظل وجود هذه التوترات، وشدد على ضرورة الحل السريع للملف الكردي، خصوصاً مع تصاعد المخاوف من احتمال عودة تنظيم داعش إلى الساحة مجدداً في حال بقاء الوضع على ما هو عليه، حيث قد تؤدي هذه الفوضى إلى فراغ أمني تستغله الجماعات المتطرفة لتعزيز نفوذها.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News