شكّل الاتفاق اللبناني – الفلسطيني الذي أُعلن عنه في بيروت، اليوم الأربعاء، عقب اللقاء بين رئيس الجمهورية جوزاف عون والرئيس الفلسطيني محمود عباس، محطة مفصلية في العلاقة الثنائية، خصوصًا لناحية ما تضمنه من تأكيد على حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية. غير أن هذا التفاهم طرح علامات استفهام حول مصير سلاح حركة "حماس" و"الفصائل الإسلامية" داخل المخيمات الفلسطينية، خاصة في ضوء التراجع الإقليمي لمحور طهران، وتبدّل موقع "حزب الله" الذي كان يشكل الغطاء الأساسي لها.
في تعليقها على الموقف، أكدت مصادر في حركة "حماس" لـ"الشرق الأوسط" انفتاحها على أي خطوة تساهم في استقرار لبنان، لكنها شددت في المقابل على أن "الرئيس عباس يمثّل السلطة الفلسطينية في رام الله، وأي قرار يتعلق بسلاح حماس أو الفصائل الفلسطينية الأخرى لا يمكن أن يُتخذ دون التشاور والحوار معها".
وكررت المصادر التزام الحركة بعدم استخدام السلاح داخل أو خارج المخيمات، باستثناء الحالات التي جاءت في إطار "الإسناد" للمقاومة الإسلامية (حزب الله) خلال العدوان الإسرائيلي، مشيرة إلى أن عمليات إطلاق صواريخ لاحقة من الجنوب نُفّذت من قبل أفراد غير منضبطين، تم توقيفهم وتسليمهم للدولة اللبنانية. كما لفتت إلى أهمية دور "لجنة الحوار الفلسطيني – اللبناني" في أي نقاش مقبل حول السلاح.
بدوره، صرّح رئيس دائرة العلاقات الوطنية في "حماس" – لبنان، علي بركة، قبل وصول عباس إلى بيروت، قائلاً: "نطالب بأن تكون المقاربة شاملة، لا تقتصر على الجانب الأمني، بل تشمل الحقوق المدنية والإنسانية لشعبنا الفلسطيني في لبنان".
في المقابل، اعتبر العميد المتقاعد والنائب السابق وهبي قاطيشا، أنّ الظروف الحالية تفرض على "حماس" السير في اتجاه نزع السلاح، قائلاً: "بعد تراجع قدرات حزب الله، فقدت حماس الغطاء والدعم، خصوصًا بعدما رُفضت محاولات الحزب استخدامها لإطلاق صواريخ على إسرائيل بعد اتفاق وقف إطلاق النار".
وأضاف قاطيشا أنّه "لم يعد أمام حماس إلا الالتزام بالقرار اللبناني الرسمي"، مشدداً على أن "المخيمات الفلسطينية هي جزء من السيادة اللبنانية، والمرجعية الوحيدة في هذا السياق هي الدولة اللبنانية بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية".
في المقابل، حذّر المحلل السياسي قاسم قصير من تداعيات القرار، لافتاً إلى أن ملف السلاح الفلسطيني سبق أن كان أحد أسباب الحرب الأهلية في لبنان. وقال لـ"الشرق الأوسط": "نزع السلاح بشكل كامل أمر دقيق وصعب في ظل اشتعال المنطقة. أقصى ما يمكن التوصل إليه هو تنظيم وضبط السلاح داخل المخيمات، وليس نزعه كليًا في الوقت الراهن".
وأشار قصير إلى أن المسألة يجب أن تُعالج بالحوار والصبر، كما دعا إليه كلّ من الرئيس جوزاف عون ورئيس البرلمان نبيه بري، معتبرًا أن المنطقة في غليان مستمر، وأي خطوة غير محسوبة قد تُفضي إلى توتر داخلي.
في موازاة التحرّكات الرسمية، صدر بيان عن ما يُسمى "الحراك الفلسطيني الموحّد" في المخيمات، عشية زيارة عباس، عبّر فيه عن رفضه لما وصفه بـ"تسليم السلاح الفلسطيني للدولة اللبنانية من دون أي تشاور أو تنسيق مسبق مع ممثلي الفصائل والقوى في لبنان".
واعتبر البيان أنّ السلاح الفلسطيني في لبنان ليس مجرد قضية أمنية أو عسكرية، بل مسألة ترتبط بحق العودة وكرامة اللاجئ الفلسطيني وحقه في الحماية، مؤكداً أن أي قرار لا يمكن أن يُتّخذ من طرف واحد.
يُذكر أنّ الفصائل الفلسطينية، بموجب اتفاق ضمني، تتولى إدارة الأمن داخل المخيمات، حيث يمتنع الجيش اللبناني عن الدخول إليها. وتُعتبر حركة "فتح" و"حماس" أبرز المكونات الفلسطينية الموجودة، إلى جانب أطراف أخرى ذات طابع ديني وسياسي متنوع.