بينما تمر سوريا بمرحلة انتقالية بعد إنهاء نظام حكم عائلة الأسد الذي استمر لأكثر من 60 عامًا، يبقى الوضع الاقتصادي المنهك أحد أكبر التحديات.
فخلال الأيام الماضية، اشتدت أزمة السيولة في البلاد، خصوصًا مع هبوط سعر صرف الدولار وتلاعب الصرافين في السوق السوداء.
وسط هذه الأوضاع، أعلنت السلطة التنفيذية بقيادة الرئيس الجديد أحمد الشرع تشكيل لجنة مكلفة بتحليل المصالح التجارية والمنشآت المتشعبة لرجال أعمال قالت إنهم مرتبطون بالرئيس السابق بشار الأسد.
فيما أفادت مصادر "العربية"، نقلاً عن موظف بشركة تابعة لأحد هؤلاء رفض الكشف عن اسمه نظرًا لحساسية الموقف، بأن ممثلين عن السلطة الجديدة وصلوا إلى تلك المنشآت وطلبوا تسليمها.
كما أضاف أن مصير آلاف الموظفين في تلك الشركات أصبح مجهولًا بعد سقوط النظام.
إلى ذلك، أوضح أن السلطة الجديدة أرسلت ممثلين للعمل بدلًا من المديرين في الكادر القديم. وأوضح أن مستقبل تلك الاستثمارات أصبح غير معروف، خصوصًا بعد صدور قرار وقف العمل بأمر من السلطة الجديدة.
كذلك، أوضح أن الشركة صرفت منذ سقوط النظام رواتب الموظفين كاملة، إلا أنها الشهر الماضي أعلنت صرف نصف راتب فقط على أن تكون هذه آخر منحة لهم.
ومع توقف صرف الرواتب، أكد ممثلو الإدارة الجديدة في تلك المنشآت أن السلطة غير قادرة على دفع الرواتب، وطلبت من الموظفين البقاء في منازلهم حتى إشعار آخر.
وفي سياق متصل، شدد الرجل على أن الوضع الاقتصادي في البلد منهار، وأنه مع وقف الرواتب أصبح الأمر أكثر صعوبة.
كما لفت إلى أن رجال الأعمال صرفوا للموظفين راتب شهرَيْ كانون الأول وكانون الثاني، ثم نصف راتب في شباط، إلى أن أعلنوا وقف الصرف نهائيًا من دون أي خطوات ملموسة من الإدارة الجديدة، خصوصًا أن ممثليها غير أكفاء لإدارة تلك المنشآت، حسب تعبيره.
في هذا السياق، رأى الاقتصادي والمصرفي السوري الدكتور نبال نجمة أن الإدارة الجديدة استلمت مؤسسات الدولة منهوبة. وتابع لـ"العربية" أنه كان أمامها خطوات يجب اتخاذها، بينها حصر النقد الموجود في البلاد، ثم جمع البيانات عن الموظفين الحقيقيين.
كما أوضح أنها واجهت تحديًا آخر يكمن في اتفاقيات طبع النقد التي أُبرمت أيام النظام السابق مع دول أخرى، والتي توقفت بعد سقوطه.
واعتبر أن خطوة حبس النقد السوري لم تكن اختيارية، بل إن الإدارة الجديدة أجبرت عليها خصوصًا مع تأخير دفع الرواتب حتى إحصاء عدد الموظفين الحقيقيين، والذي أسفر عن تأكيد وجود 4 آلاف موظف شبح يستلمون رواتب دون عمل.
أما عن موضوع التسويات مع رجال مرتبطين بالأسد، فرأى أن المال الخاص مقدس، وأن الإدارة الجديدة تبحث عن مصادر دخل لردف الاقتصاد، بينها رفع العقوبات، واستعادة الأموال المنهوبة، وجلب الاستثمارات الأجنبية للعمل داخل سوريا.
كما أكد نجمة أن الحل الأمثل يكمن في إسناد مهمة مراقبة عمل منشآت تلك الشخصيات إلى جهة حكومية، واستكمال العمل بها لضمان دفع رواتب موظفيها تحت بند "تسيير الأعمال" لظروف إنسانية، خصوصًا في ظل الوضع الاقتصادي الصعب.
أما البت النهائي في أمر تلك المنشآت فيحتاج إلى عملية قضائية وقانونية، ومخرجات معينة، مشددًا على أن هذا الحل يكفل تقليص الأذى العام قدر الإمكان، ويضمن الشفافية في اتخاذ القرار.
يشار إلى أن سوريا تعاني منذ أسابيع من أزمة سيولة خانقة، خصوصًا مع هبوط سعر صرف الدولار وتلاعب الصرافين في السوق السوداء، وحبس الليرة السورية في المصرف المركزي.
ورغم انتشار أنباء عن وصول طائرة شحن تحمل أموالًا من روسيا أواخر الأسبوع الماضي إلى مطار دمشق لحل الأزمة، لم تتغير الأمور على الأرض.
ويواجه السوريون تحديات كبيرة، خصوصًا مع تسريح عدد كبير من الموظفين ووقف الرواتب.
لتبقى التحديات الأكبر كامنة في رفع العقوبات الغربية، وضبط السلاح بيد الدولة، فضلاً عن عقد مؤتمر للحوار الوطني، وإعداد دستور جديد للبلاد، بالإضافة إلى التحضير لإجراء الانتخابات.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News