تتحرك الدبلوماسية الإقليمية والدولية باتجاهات عدة لوضع حد للتوغل الإسرائيلي المتزايد ميدانياً وجوّياً في سوريا، بهدف تفنيد المبررات الأمنية التي تسوقها تل أبيب، والتي تحوّلت تدريجياً إلى تهديد لوحدة البلاد واستقرارها.
وأعلن الرئيس السوري أحمد الشرع، من العاصمة الفرنسية باريس، عن وجود مفاوضات غير مباشرة جارية مع الجانب الإسرائيلي عبر وسطاء، تهدف إلى تهدئة الأوضاع والتشديد على ضرورة الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار الموقّع عام 1974.
في المقابل، كشفت تقارير إسرائيلية عن زيارة وفد سوري إلى إسرائيل أواخر الشهر الماضي، ونقلت صحيفة "هآرتس" عن مصادر سورية أن الوفد ضمّ مسؤولاً دفاعياً رفيعاً إلى جانب مسؤولين من محافظة القنيطرة، حيث عُقدت لقاءات غير معلنة مع مسؤولين في وزارة الدفاع الإسرائيلية.
وتأتي هذه التحركات بالتزامن مع جولات مفاوضات تجرى في العاصمة الأذرية باكو بين تركيا وإسرائيل، بوساطة أذرية، تركّز أساساً على معالجة المخاوف المتبادلة بين الطرفين بشأن الملف السوري.
وتُبدي تركيا قلقاً من التوغل العسكري الإسرائيلي المتكرر ومن تدمير القدرات الدفاعية السورية، وترى في ذلك تهديداً لمقومات بناء دولة سورية موحدة ومستقرة، وكذلك للاستقرار الإقليمي. في المقابل، تنظر إسرائيل إلى بوادر التعاون العسكري بين أنقرة ودمشق باعتباره تهديداً استراتيجياً محتملاً.
ووفق المصادر، تطالب إسرائيل بعدم وجود أي قوة عسكرية تهدد أمنها قرب حدودها مع سوريا، إضافة إلى ضمان خلو سوريا من الأسلحة الاستراتيجية.
غير أن مسار التهدئة يبدو معقداً، نظراً لتقاطع الحسابات الاستراتيجية بين أنقرة وتل أبيب تجاه الملف السوري، فبينما تسعى تركيا إلى الحفاظ على وحدة سوريا كوسيلة لإضعاف المكوّن الكردي الذي تعتبره تهديداً لأمنها القومي، ترى إسرائيل في تقسيم البلاد على أسس عرقية مدخلاً لتحقيق مصالحها وأهدافها الإقليمية في المدى البعيد.