خاص ليبانون ديبايت

ليبانون ديبايت
الاثنين 12 أيار 2025 - 13:26 ليبانون ديبايت
ليبانون ديبايت

فوز بطعم الخسارة: أرقام بشري تُربك “القوات”

فوز بطعم الخسارة: أرقام بشري تُربك “القوات”

“ليبانون ديبايت”


انتهت انتخابات بشري البلدية على وقع مشهد سياسي مشحون بالرمزية والدلالات، حيث أفرزت صناديق الاقتراع نتائج متقاربة عكست تنوّعاً حقيقياً داخل المدينة، وكرّست حضوراً متقدّماً للمعارضة مقابل فوز غير مريح لحزب “القوات اللبنانية”.


فقد نال أعضاء لائحة “القوات” معدل أصوات بلغ 2960 صوتاً، في حين حصل أول الخاسرين من لائحة “سوا أقوى” المعارضة على 2349 صوتاً، أي بفارق بلغ 611 صوتاً فقط، ما يعادل نسبة 56% لصالح “القوات” مقابل 44% لصالح المعارضة. هذه النتيجة، وإن حسمت المعركة لصالح الحزب المسيطر تقليدياً على بشري، إلا أنها جاءت دون الطابع الكاسح الذي اعتادت عليه “القوات” في دورات سابقة.


مع ذلك، لا يمكن اختزال هذه المعركة بكونها صراعاً سياسياً تقليدياً، إذ أن جميع المرشحين، من الجهتين، ينتمون إلى الخط السيادي ذاته. فالمعركة لم تكن بين محورين سياسيين متناقضين، بل كانت بالأحرى مواجهة اعتراضية واضحة ضد أسلوب النائبة ستريدا جعجع في إدارة الشأن البلدي في بشري. فقد حاول فريق “القوات” تسويق المعركة على أنها مواجهة مع مرشحين يمثلون “التيار الوطني الحر” و”تيار المردة”، بينما الوقائع تُظهر أن المرشحين في لائحة “سوا أقوى” ينطلقون من ذات المبادئ السيادية التي تدافع عنها “القوات” نفسها. التصويت لم يكن سياسياً بقدر ما كان رفضاً لنهج اعتُبر استبدادياً وفوقياً في التعامل مع أبناء المدينة ومطالبهم الإنمائية.


المفارقة الأبرز التي حملتها هذه الانتخابات أن المعارضة لم تعد صوتاً هامشياً أو طارئاً في المعادلة البشراوية، بل فرضت نفسها كقوة سياسية لها وزنها وتأثيرها. لائحة “سوا أقوى” شكّلت حراكاً شعبياً واسعاً وترجمت حضورها بنتائج ملموسة، ما يعكس تبدّلاً تدريجياً في المزاج العام لأبناء المدينة، ويُعبّر عن حالة من المراجعة لدى فئات لم تعد ترى في الخطاب التقليدي جواباً على تطلعاتها.


صحيح أن “القوات اللبنانية” خرجت فائزة من المعركة، لكن طبيعة الفوز والفارق المحدود في الأصوات، يفرضان على الحزب قراءة متأنية للواقع المستجد، أكثر مما يبرران الاحتفال الصاخب الذي أعقب إعلان النتائج. فالمؤشرات لا تخلو من دلالات، لا سيما أن هذه النسبة التي حققتها المعارضة لم تأتِ في سياق ظرفي، بل نتجت عن تراكمات سياسية واجتماعية، وعن أداء محلّي لم يسلم من الانتقادات، خاصة في السنوات الأخيرة.


في المقابل، منحت هذه الانتخابات المعارضة شرعية سياسية وشعبية للمرة الأولى بهذا الوضوح داخل المدينة، للنائب وليم طوق، والإعلامي رياض طوق، وعدد من الفعاليات البشراوية، ما أثبت أن هناك اتجاهاً متصاعداً نحو التعددية السياسية في المدينة، وأن الصوت المختلف يترسّخ يوماً بعد يوم، ويشقّ طريقه في وجه المشهد الأحادي.


بشري، التي كانت تُصنّف لسنوات طويلة على أنها معقل لا يُخترق، كشفت هذه المرة عن وجه جديد، متحرّك ومتنوّع، يعبّر عن حيوية ديمقراطية في مجتمع محلي بدأ يعيد رسم خياراته. وإذا كان الفوز قد كُتب لـ”القوات” بالأرقام، فإن الجو السياسي العام حمل للمعارضة شرعية معنوية قد تُترجم تأثيراً أكبر في المحطات المقبلة.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة