أفاد مسؤول أوكراني لوكالة الأنباء الفرنسية، اليوم الجمعة، بأن روسيا قدّمت مطالب "غير مقبولة" خلال المباحثات الثنائية الجارية في إسطنبول، بينها دعوة كييف إلى التخلي عن مزيد من أراضيها مقابل وقف إطلاق النار، وهو ما رفضته أوكرانيا بشدة واعتبرته محاولة لحرف مسار المفاوضات.
وقال المسؤول: "أعضاء الوفد الروسي قدموا مطالب غير مقبولة تتجاوز ما تمّ البحث به قبل الاجتماع، من ضمنها انسحاب القوات الأوكرانية من مساحات واسعة من الأراضي الأوكرانية التي تسيطر عليها، من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار". وأكد أن هذه الشروط "غير مقبولة" وتهدف إلى عرقلة أي تقدم في المفاوضات.
وفي موقف مماثل، نقلت وكالة "رويترز" عن مصدر دبلوماسي أوكراني، طلب عدم الكشف عن هويته، أن المطالب الروسية "منفصلة عن الواقع" وتتجاوز بشكل كبير أي تفاهمات سابقة. وأوضح أن موسكو طرحت إنذارات نهائية تطلب انسحابًا أوكرانيًا شاملاً من مناطق استراتيجية، بالإضافة إلى شروط أخرى وُصفت بأنها "غير قابلة للتنفيذ وغير بنّاءة".
وأضاف المصدر: "أوكرانيا مستعدة لوقف إطلاق نار فعلي ومواصلة عملية سلام حقيقية من دون أي شروط مسبقة، لكن ما يُعرض الآن لا يمثل أساساً لأي حل دبلوماسي واقعي".
وفي سياق متصل، كشف مسؤول أوكراني كبير أن جولة جديدة من المباحثات "ممكنة" اليوم الجمعة، لكنها لم تُحدد بعد بشكل رسمي. وقال المسؤول لوكالة الأنباء الفرنسية: "إذا تلقّى الوفد الروسي تعليمات أخرى، فقد يحدث شيء اليوم. حتى الآن، لم يُتخذ قرار نهائي بشأن استكمال الجولة".
اللقاء الذي استمر حوالي ساعة وأربعين دقيقة في إسطنبول، برعاية تركية، شكّل أول اجتماع مباشر بين الوفدين الروسي والأوكراني منذ العام 2022، بمشاركة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الذي كان قد كثّف اتصالاته مؤخراً لإعادة تحريك مسار الوساطة بين الجانبين.
وكانت المفاوضات المباشرة بين الطرفين قد توقفت منذ انهيار محادثات السلام التي استضافتها إسطنبول في ربيع 2022، عقب الاجتياح الروسي الواسع للأراضي الأوكرانية. ومنذ ذلك الحين، اقتصرت المحادثات على وساطات غير مباشرة عبر دول ثالثة كتركيا، الصين، ودولة الإمارات، من دون تحقيق أي اختراق ملموس.
يأتي هذا التطور في ظل استمرار العمليات العسكرية المكثفة في شرقي أوكرانيا، حيث تُواصل القوات الروسية محاولات التقدم في دونيتسك ولوهانسك، مقابل مقاومة شرسة من الجيش الأوكراني، مدعومًا بأسلحة غربية متطورة، بينها منظومات دفاع جوي حديثة وصواريخ بعيدة المدى.
ورغم استنزاف الطرفين بعد أكثر من ثلاث سنوات من الحرب، لا تزال الهوة واسعة بين المطالب الروسية ورفض كييف التنازل عن سيادتها على أي جزء من أراضيها، خصوصًا بعد ضم موسكو لأربع مناطق أوكرانية في أواخر 2022، وهو ما لا تعترف به معظم دول العالم.