"ليبانون ديبايت" - فادي عيد
أتى إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الرياض قراره برفع العقوبات عن سوريا، ليكرّس تحوّلاً جذرياً في التعاطي المقبل لواشنطن مع دمشق، ويؤسّس لمرحلة جديدة بموازاة التغيّرات والتحالفات الجديدة الحاصلة في خرائط المنطقة، وذلك بالتزامن مع التوافق الخليجي ـ التركي لإعادة انخراط سوريا في النظام الإقليمي، كل ذلك في الوقت الذي يبقى فيه لبنان بموقع المتفرّج جراء حالة التردّد المسيطرة على السلطة اللبنانية، بدلاً من الصعود إلى القطار الأميركي الذي قد لا ينتظر طويلاً في المحطة.
وعلى هذا الأساس، اعتبر ديبلوماسي عربي في بيروت، أن الزخم العربي المؤيّد للعهد والحكومة، لم يتراجع، إنما يبقى لوحده غير كافٍ، لضرورة تزامنه مع احتضان دولي، في ظل شروط واضحة بأن تكون استجابة داخلية لبنانية "سريعة" لمتطلبات المرحلة، والتي كان قد تحدّث عنها رئيس الحكومة نوّاف سلام في كلمته ببغداد، حيث لا يمكن إغفال الحديث الديبلوماسي وراء الكواليس عن "تباطؤ" في تنفيذ عملية بسط سيادة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، وحصر السلاح بيد الشرعية اللبنانية، بصرف النظر عن أي أسباب تخفيفية يتمّ تقديمها للداخل والخارج على حدٍّ سواء.
فالتحدي الكبير، يضيف الديبلوماسي العربي، لم يعد في القرار، بل في التنفيذ، لأن الدولة يجب أن تكون سيدة قرار الحرب والسلم من دون أي شريك في السلاح على الأراضي كافةً، ومن ضمنها المخيّمات الفلسطينية، خصوصاً وأن رئيس الحكومة تحدّث في العراق عن القرار الرسمي بحصر السلاح، وبأنه يتمّ العمل على تنفيذه، وما بين الأمرين مسافة زمنية تطول مع تقدم الوقت، فيما لبنان لا يملك ترف الوقت بعد اليوم، خصوصاً بعدما انتقل الإهتمام الأميركي إلى دمشق التي باتت تحت العين الدولية، كما العربية، وتحوّلت مركزاً للإهتمام بعد رفع العقوبات.
ويرى الديبلوماسي، أنه رغم تسارع الخطوات العملية للتغيير في سوريا والإستجابة لاتجاهات واشنطن، فإن لبنان لم ينتقل بعد إلى مرحلة تنفيذ القرار 1701 بشكل نهائي، ليتحوّل "حزب الله" إلى حزب سياسي واجتماعي أسوةً ببقية الأحزاب، بعيداً عن أي "خصوصية" ذات طابع أمني أو عسكري.
ومن ضمن هذا السياق، يدرج الديبلوماسي العربي، موقف الرئيس ترامب، الذي عبّرت عنه بشكل مباشر ومن دون أي قفازات، أو تعابير ديبلوماسية نائبة الموفد الأميركي إلى المنطقة مورغان أورتيغاس، عندما قالت، أن "الطريق إلى السلام والإزدهار واضح وهو عبر نزع سلاح الحزب، ليس فقط من جنوب الليطاني، بل من البلد كله".
وبالتزامن ، يشير الديبلوماسي، إلى ملاحظات ونصائح تُسجّل من الدول العربية، تُجمع كلها على التأكيد بأنه على لبنان أن يستعجل خطاه في ملف حصر السلاح، وذلك نقلاً عن الرئيس ترامب في الرياض عندما قال، أن "هذه الفرصة لن تتكرّر، وعلى لبنان أن يستعجل في التقاطها كي يتحرّر من قبضة إيران".
من جهتها، اعتبرت مصادر سياسية، أنه يبدو أن العقبة التي تقف وراء هذا التباطوء، ووراء عدم التقاط فرصة الدعم الخارجي، تتمثّل بصعوبة "إقناع" الحزب بأن سلاحه شمال الليطاني يجب أيضاً أن يسلّم للشرعية اللبنانية، ما يُنذر بالعودة إلى نقطة البداية في طرح الأسباب والموجبات التي أوصلت لبنان إلى الواقع الحالي من الأزمات، وفي مقدّمها أزمة انعدام الثقة بعد اليوم بالوعود والإلتزامات، وحتى القرارات المعلنة، والتي تبقى معلقة على مستوى التطبيق بانتظار نضوج ظروفها، أو تغيير الظروف الحالية أو الرهان على أحداث قد لا تحصل، وهو ما تنبه إليه المصادر، التي تخشى أن تسبق أحداث المنطقة اللبنانيين، وأن ترسم لهم مستقبلهم على غرار تجارب سابقة قامت خلالها واشنطن بتفويض "الجارة" الملف اللبناني بكل تعقيداته...