أفادت شبكة "سي. إن. إن" الأميركية، يوم الثلاثاء، نقلًا عن مسؤولين أميركيين مطّلعين، أن معلومات استخباراتية جديدة حصلت عليها الولايات المتحدة تُشير إلى أن إسرائيل تُحضّر لتوجيه ضربة عسكرية ضد منشآت نووية إيرانية، وسط تصاعد التوتر الإقليمي والقلق من احتمال توسع الصراع في الشرق الأوسط.
ووفق المصادر التي تحدثت للشبكة، فإن القادة الإسرائيليين لم يتخذوا قرارًا نهائيًا بعد، لكن التحضيرات العسكرية وبعض الاتصالات التي تم رصدها تعزز هذه الفرضية، في وقت تسعى فيه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى التوصل إلى صفقة دبلوماسية مع طهران حول ملفها النووي.
وبحسب المسؤولين الأميركيين، فإن الضربة المحتملة ستُمثل تغييرًا جذريًا في سياسة ترامب الذي لا يزال يُراهن على المسار الدبلوماسي، لكن في الوقت نفسه، سبق أن هدد علنًا باللجوء إلى عمل عسكري إذا فشلت المحادثات مع إيران.
وذكرت "سي.إن.إن" أن المخاوف المتزايدة في واشنطن لا تستند فقط إلى التصريحات العلنية الصادرة عن كبار المسؤولين الإسرائيليين، بل أيضًا إلى معلومات استخباراتية تم جمعها عبر اعتراض اتصالات ومراقبة تحركات لافتة داخل الجيش الإسرائيلي، من بينها نقل ذخائر جوية وإنهاء تمرين عسكري مباغت، وفقًا لما أكده مصدران مطلعان.
في الوقت ذاته، لا يمكن الجزم بأن هذه التحركات تعني ضربة وشيكة، إذ قد تكون محاولة إسرائيلية لإرسال إشارات ضغط سياسي إلى طهران، بهدف دفعها إلى التراجع عن نقاط حسّاسة في برنامجها النووي، خصوصًا ما يتعلق بعمليات تخصيب اليورانيوم.
تأتي هذه التطورات في وقت حساس بالنسبة لإدارة ترامب، التي تواجه انقسامًا داخليًا حول كيفية التعامل مع الملف الإيراني، إذ يرى فريق داخل الإدارة أن إعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل قد يؤدي إلى انفجار إقليمي واسع، في حين يعتبر آخرون أن الضغط العسكري ضروري لإجبار طهران على تقديم تنازلات حقيقية.
وبحسب أحد المطلعين على تقييمات الاستخبارات الأميركية، فإن "احتمالية توجيه إسرائيل ضربة لمنشأة نووية إيرانية ارتفعت بشكل كبير في الأشهر الأخيرة"، مشيرًا إلى أن "غياب اتفاق نهائي بين واشنطن وطهران بشأن إزالة كامل مخزون اليورانيوم الإيراني يزيد من احتمال التصعيد".
ويكشف التقرير أن الرئيس ترامب وجّه رسالة خاصة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي منتصف آذار، حدّد فيها مهلة 60 يومًا للتوصل إلى اتفاق بشأن الملف النووي، وهي مهلة انتهت بالفعل قبل أكثر من أسبوعين، دون تحقيق اختراق كبير، رغم انطلاق جولات تفاوضية أولية منذ 38 يومًا.
ونقل دبلوماسي غربي رفيع المستوى التقى ترامب مؤخرًا، أن الأخير أوضح بصراحة أن أمام المحادثات أسابيع محدودة جدًا قبل أن تتحول السياسة إلى "الخطة ب" القائمة على العمل العسكري.
وفي خضمّ هذا المشهد المعقّد، يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضغوطًا متزايدة من داخل حكومته ومن المؤسسة الأمنية، لاتخاذ موقف حاسم يمنع التوصل إلى اتفاق مع إيران لا يلبّي المعايير الإسرائيلية للردع.
وقال المسؤول الاستخباراتي السابق جوناثان بانكوف، المتخصص في شؤون المنطقة، إن "إسرائيل تجد نفسها اليوم بين المطرقة والسندان"، موضحًا أن "نتنياهو لا يريد تفجير العلاقة مع ترامب، لكنه في الوقت ذاته لا يستطيع تجاهل تصاعد التهديدات النووية الإيرانية، وفق الرؤية الإسرائيلية".
وأضاف: "أي ضربة إسرائيلية ستكون حتمًا مشروطة، سواء بضوء أخضر أميركي صريح أو ضمني، لأن تجاوز ذلك سيُعرّض التنسيق الأمني والسياسي بين الجانبين لخطر كبير".