بدأ عدد من أقرب حلفاء إسرائيل الدوليين بالابتعاد العلني عن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في ظل استمرار العمليات العسكرية المكثفة في قطاع غزة وتفاقم معاناة المدنيين، بحسب تقرير نشره موقع "أكسيوس".
ووفق التقرير، كان لدى نتنياهو "تفويض دولي غير مسبوق" للرد على هجمات حركة حماس في 7 تشرين الأول، إلا أن هذا التفويض بدأ يتآكل تدريجاً مع تصاعد الحرب، ليصل مؤخراً إلى موجة من الضغوط الدبلوماسية الشديدة.
على مدى الشهرين الماضيين، خسر نتنياهو دعم عدد من الحلفاء الغربيين، باستثناء الولايات المتحدة، وذلك منذ استئناف القتال في آذار ومنع دخول المواد الغذائية والمياه والأدوية إلى غزة.
وتفاقم الضغط الدولي مطلع أيار مع بدء العملية العسكرية الإسرائيلية الهادفة إلى إعادة السيطرة على القطاع، ورفض الحكومة الإسرائيلية في المقابل مبادرة لوقف الحرب والإفراج عن الرهائن.
وفي بيان مشترك بتاريخ 19 أيار، هاجم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيسا وزراء كندا وبريطانيا، مارك كارني وكير ستارمر، الحكومة الإسرائيلية بالقول: "لن نقف مكتوفي الأيدي بينما تواصل حكومة نتنياهو هذه الأفعال الفاضحة. إذا لم تتوقف إسرائيل عن هجومها العسكري وتفتح المجال للمساعدات، سنتخذ إجراءات ملموسة إضافية".
وردّ نتنياهو بغضب في تصريح مصور، متّهماً القادة الثلاثة بأنهم "يخدمون مصالح حماس"، مضيفاً: "يريدون من إسرائيل أن تتراجع وتقبل ببقاء جيش حماس من القتلة الجماعيين. إذا شكركم القتلة والمغتصبون وخاطفو الأطفال، فأنتم تقفون في الجانب الخطأ من العدالة والإنسانية والتاريخ".
لم تبقَ عزلة إسرائيل عند مستوى التصريحات، إذ أعلنت بريطانيا الخميس تعليق مفاوضات التجارة مع إسرائيل، وفرضت عقوبات على مستوطنين متورطين في اعتداءات ضد فلسطينيين. كما اعترفت إسبانيا والنرويج وأيرلندا بالدولة الفلسطينية العام الماضي.
وبحسب التقرير، دعم 17 وزير خارجية من أصل 27 في الاتحاد الأوروبي اقتراحاً هولندياً بإعادة النظر في اتفاقية التجارة والتعاون مع إسرائيل، في مؤشر واضح إلى تصاعد التململ الأوروبي.
في المقابل، اتّهمت الحكومة الإسرائيلية بعض القادة الأوروبيين بـ"معاداة السامية"، مدّعية أنهم يخضعون لضغوط من الأقليات المسلمة في بلدانهم. ورغم هذه الاتهامات، سمحت إسرائيل مؤخراً بدخول جزئي للمساعدات إلى غزة، لأول مرة منذ آذار.
في كواليس مجلس الأمن، نقلت المراسلة أن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر كان قد حذّر من أن منع المساعدات لن يُضعف حماس بل سيدفع الحلفاء بعيداً، وهو ما تحقق فعلاً، بحسب مسؤول إسرائيلي رفيع أقر بأن القرار اتُخذ "لدوافع سياسية داخلية وكان خطأً كبيراً".
ورغم تراجع الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن دعمه العلني لخطة ترحيل جميع سكان غزة البالغ عددهم نحو 2 مليون شخص، أعلن نتنياهو الأسبوع الماضي أن الحرب لن تتوقف قبل تنفيذ هذه الخطة، التي تُعرض كـ"هجرة طوعية"، لكنها بحسب مراقبين تغطية لعملية تهجير جماعي.
يرى محللون أن المضي بتنفيذ المخطط، الذي يتضمن تدميراً واسعاً للقطاع وإنشاء "منطقة إنسانية" تدفع السكان إلى مغادرة غزة، قد يفتح على إسرائيل بوابة عزلة دولية لم تعرفها من قبل، وربما يقوّض ما تبقّى من الدعم الغربي لحكومتها.