المحلية

placeholder

المحرر السياسي

ليبانون ديبايت
السبت 31 أيار 2025 - 07:11 ليبانون ديبايت
placeholder

المحرر السياسي

ليبانون ديبايت

إلى راكبي سفينة “التطبيع”… خذوا “العار” معكم

إلى راكبي سفينة “التطبيع”… خذوا “العار” معكم

“ليبانون ديبايت” - المحرر السياسي

من يستمع إلى الأصوات التي ارتفعت مؤخرًا في لبنان، سواء في الأوساط الإعلامية أو السياسية، يشعر وكأننا لم نعد في هذا الوطن الذي عايشنا دمار قراه، ودفنّا شبابه، وبكينا نساءه وأطفاله. وكأنّ الجنوب لم يُجتَثّ من جذوره، وكأنّ بيروت وضاحيتها لم تُسحق بالطائرات الإسرائيلية، أو أن المجازر لم تقع على امتداد الجغرافيا اللبنانية. كل ذلك يُمحى فجأة، وتُطمَس الذاكرة الجماعية، وتُستبدل الحقائق بعبارات منمّقة عن “السلام” و”التطبيع”.


والأخطر، أن من يتجرّأ على هذا المسّ الفاضح بالوجدان الوطني هو رئيس الحكومة نفسه، نواف سلام، الذي صرّح بوضوح لا لبس فيه أن “التطبيع هو جزء لا يتجزأ من السلام الذي نرغب في رؤيته غدًا وليس بعده”.


هذا الكلام لم يصدر عن مراقب عابر أو ناشط يُغرّد، بل عن رجل يشغل أعلى سلطة تنفيذية في الدولة اللبنانية، كان يُفترض أن يكون أول المدافعين عن السيادة والكرامة، وآخر من يروّج لأجندات دخيلة على تاريخ لبنان وهويته.


تصريح سلام لا يأتي من فراغ، فهو جزء من مناخ سياسي وإعلامي متكامل، يتقدّم بخطى ثابتة ومبرمجة: تصريحات متزامنة، مقالات مموّلة، منصات تدور في الفلك نفسه، تطرح التطبيع كأنه خيار “عقلاني”، وتسوّق له تحت عناوين الاقتصاد والانفتاح. حتى أصبح كل شيء يشير إلى وجود حملة مموّلة مدروسة، تسعى إلى تطبيع الفكرة قبل تطبيع العلاقات، وتطمين اللبنانيين إلى أن العدو يمكن أن يكون “شريكًا” في الغد القريب، وليس بعده، على قولة نواف سلام.


لكن الحقيقة أبعد ما تكون عن هذا الوهم. فالتطبيع مع العدو الإسرائيلي، الذي لم تتوقّف غاراته بعد، ليس وجهة نظر، بل خيانة موصوفة. وفي مجتمع لا تزال جراحه مفتوحة، والمقابر شاهدة، والدماء حاضرة في الذاكرة والعيون، فإن الترويج لهذا المسار ليس سوى طعنة في خاصرة الوجدان الوطني.


ألا يخجل المطبّعون من أنفسهم؟ ألا يعرفون أن الكرامة لا تُباع، والدم لا يُساوَم عليه؟ أم أن الانبطاح أصبح سياسة “مربحة”، والركوع مشروعًا دوليًا يتنافس عليه ممثلو الشعب في بورصات السفارات؟


نقولها من دون مواربة: كل من يروّج للتطبيع هو خائن لدماء وألم اللبنانيين، مهما تجمّل بالكلام الدستوري أو الإعلامي أو الأكاديمي. هذه ليست مبالغة ولا شتيمة، بل توصيف دقيق لحالة تتعارض مع هوية لبنان، وتفتك بأساس وجوده.


انطلاقًا من ذلك، على رئيس الحكومة أن يُدرك أن ما قاله مرفوض جملةً وتفصيلًا، ليس فقط من بيئة معينة، بل من كل لبناني حريص على وطنه. فما تفوّه به ليس زلّة لسان، بل تمهيد خطير لأكبر عملية تزوير وطني في تاريخ لبنان الحديث.


فالتطبيع ليس سلامًا، بل خضوع،

والخضوع لا يبني دولة، بل يمحو وطنًا.


وبما أن قافلة التطبيع تسير بسواعد بعض المستفيدين لا الوطنيين، فليتحمّل كل من يركب هذه السفينة عار فعلته، ولتعلم الحكومة، إن بقي فيها من يُصغي، أن التهاون مع هذا الخطاب ليس حيادًا، بل شراكة صريحة في مشروع تفكيك لبنان، جغرافيًا، ووطنيًا، وإنسانيًا.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة