تواصل إسرائيل تحضيراتها لمرحلة جديدة من التصعيد العسكري في قطاع غزة، بعد ردّ حركة "حماس" على مقترح المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف. ووفق ما أفاد تقرير لهيئة البث الإسرائيلية، فإن القيادة العسكرية الإسرائيلية تعتزم زيادة الضغط على حماس، لا سيما في شمال القطاع، في محاولة للتأثير على مواقف قيادة الحركة في المفاوضات الجارية.
وأشار التقرير إلى أن التصعيد العسكري سيكون مصحوباً بتعديلات في السياسة الإنسانية، من بينها إعادة تنظيم إدخال شاحنات الغذاء وفتح نقاط توزيع إضافية، بهدف التأثير على بنية القوة المدنية التابعة لحماس، حيث رأت مصادر أمنية إسرائيلية أن "تغيير طريقة توزيع الغذاء يؤثر بشكل كبير على حماس ويسحب الأرض من تحت أقدامها".
وبالتوازي، أفاد مصدر إسرائيلي مطّلع على مسار المفاوضات بأن الوسطاء يواصلون ضغوطهم على الطرفين، سواء لدفع حماس إلى تليين مواقفها، أو لإقناع تل أبيب بقبول بعض ملاحظات الحركة على المقترح الأميركي.
وفي سياق متصل، أعلنت حركة "حماس"، يوم أمس السبت، أنها سلّمت ردّها الرسمي على مقترح ويتكوف إلى الوسطاء المعنيين بالمفاوضات، مؤكدة في بيان صحافي أن الرد جاء بعد مشاورات وطنية موسعة، وانطلاقاً من "مسؤوليتنا تجاه شعبنا ومعاناته".
ووفق بيان الحركة، فإن الرد يطالب بوقف دائم لإطلاق النار، وانسحاب شامل من قطاع غزة، وضمان تدفّق المساعدات الإنسانية إلى السكان. كما تضمّن المقترح الموافقة على إطلاق سراح 10 من أسرى الاحتلال الأحياء لدى المقاومة، وتسليم جثامين 18 آخرين، مقابل عدد يُتفق عليه من الأسرى الفلسطينيين.
ويستند مقترح ويتكوف إلى هدنة لمدة 60 يوماً، تشمل تبادل 28 رهينة من أصل 58 ما زالوا محتجزين في غزة، مقابل الإفراج عن أكثر من 1200 أسير فلسطيني، إضافة إلى إدخال واسع للمساعدات الإنسانية.
في المقابل، جدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو موقفه الرافض لما وصفه بـ"شروط حماس"، وقال أن إسرائيل ستواصل عملياتها العسكرية في غزة من أجل إعادة جميع الرهائن وهزيمة الحركة. كما شدد على ضرورة نزع سلاح حماس بالكامل، وإنهاء إدارتها في القطاع، وإطلاق سراح الـ58 رهينة المتبقين.
من جهته، أبدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب تفاؤله بإمكانية التوصل إلى اتفاق في وقت قريب، قائلاً أن مقترح مبعوثه يتقدّم بثبات رغم التحديات. لكن ويتكوف نفسه عبّر عن خيبة أمله من رد "حماس"، وكتب عبر منصة "إكس": "الرد غير مقبول إطلاقاً ويعيدنا إلى الوراء. على حماس قبول الإطار المقترح لبدء محادثات غير مباشرة فوراً هذا الأسبوع".
يأتي ذلك فيما يتواصل الجمود النسبي في المفاوضات غير المباشرة التي ترعاها أطراف إقليمية ودولية، في ظل فجوة واسعة بين مطالب الطرفين: إذ تصر إسرائيل على الحسم العسكري وإنهاء حكم حماس في غزة، فيما تسعى الحركة إلى وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب كامل وضمانات بإعادة إعمار القطاع.
ويرى مراقبون أن أي اتفاق محتمل يصطدم بحسابات داخلية لكل من الطرفين، إضافة إلى الضغوط الإقليمية والدولية، في وقت تُسجّل فيه مؤشرات على تراجع قدرة حماس اللوجستية والعسكرية بفعل الحصار المستمر والتصعيد العسكري الإسرائيلي المتجدد.