ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الأخويّات الأم في الصرح البطريركي في بكركي، حيث ألقى عظة حملت أبعادًا روحية واجتماعية ووطنية، انطلاقًا من إنجيل يوحنا: "أحبّوا بعضكم بعضًا كما أنا أحببتكم" (يو 13: 34).
واعتبر الراعي أن لقاء الأخويّات يحمل بعدًا نبويًّا، مؤكّدًا أن وصيّة المحبّة ليست مجرّد دعوة روحية، بل نداء عملي لبناء الإنسان والمجتمع والوطن. وقال: "المحبّة لم تعد مجرّد عاطفة، بل أصبحت فعل بذل، كما بذل المسيح نفسه حبًّا بنا حتى الموت".
وفي ظلّ ما يمرّ به لبنان من أزمات متتالية، رأى الراعي أن وصيّة المحبّة تتحوّل إلى "صرخة رجاء وتجدد". وأشار إلى أن "المحبّة الصادقة وحدها قادرة على شفاء الانقسامات وردم الهويات وإعادة بناء الثقة بين أبناء الوطن الواحد".
وأوضح أن المحبّة المسيحية ليست مجرّد شعور، بل هي التزام ومصالحة وعدالة وتضحية، داعيًا الأخويّات والمؤمنين إلى حمل هذا الالتزام خارج جدران الكنيسة، إلى قلب العائلة والمجتمع والشأن العام.
وتابع الراعي، "لبنان بحاجة إلى رجال ونساء يؤمنون بثقافة الحياة لا ثقافة الإلغاء، بثقافة الحوار لا النزاعات، بثقافة الخدمة لا المنفعة".
وفي الشقّ الوطني من عظته، شدد على أن وصيّة المحبّة تشمل جميع المواطنين، داعيًا السياسيين إلى توحيد كلمتهم والعمل من أجل الخير العام في مجتمع متعدّد الثقافات والانتماءات.
وانتقد بشدة بعض مظاهر ما بعد الانتخابات البلدية والاختيارية، قائلاً: "النتائج كان يجب أن تكون مدّ يد تعاون إلى الخاسرين ديمقراطيًّا، لا مشهد رقص وأسهم ناريّة. فهذه المظاهر تزرع الانقسام وتولّد العداوة، بدل الوحدة والتآلف".
وختم الراعي بالدعاء: "فلنصلِّ بشفاعة أمّنا مريم العذراء، سيّدة لبنان، قائلين: أعطنا النعمة يا رب أن نحبّ بعضنا بعضًا كما أحببتنا. علّم قادة الوطن أن يتخلّوا عن مصالحهم الضيّقة من أجل خير الشعب، وأن نبني وطننا على المحبّة والتضامن، لا الحقد والتسلّط. لك المجد أيّها الآب والابن والروح القدس، من الآن وإلى الأبد، آمين".