الأخبار المهمة

عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت
الأربعاء 04 حزيران 2025 - 07:28 ليبانون ديبايت
عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت

صفقة سعودية – أميركية حول لبنان؟

صفقة سعودية – أميركية حول لبنان؟

ليبانون ديبايت - عبدالله قمح


منذ زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الرياض ولقائه بولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أصبح جزءً من تفاهمات أميركية - سعودية أوسع. وفي إطار إستراتيجية شاملة للمنطقة، أظهر ترامب اهتماماً ملحوظاً بلبنان، حين خصّه بتعليقات مهمة للغاية في سياق خطابه السعودي. لكنه في الوقت نفسه تعمّد استبعاده من اللقاء الثنائي السريع مع الرئيس السوري للفترة الإنتقالية أحمد الشرع، بحضور ولي العهد السعودي.


فُهم يومذاك أن إدارة ترامب فوّضت السعودية إدارة الملف اللبناني سياسياً، وبالتالي لم تعد واشنطن الطرف الوحيد المؤثر أو المقرّر فيه، ورضيت قبول وتشارك الرؤية السعودية للملف من ضمن إستراتيجية شاملة للمنطقة تشمل سوريا أيضاً.


من هنا، جاءت مبادرة الرياض لعقد لقاءات بين بيروت ودمشق في جدّة، في مؤشر واضح على أن المملكة تسعى إلى بناء منصة حوار إقليمي انطلاقاً من أراضيها. حتى أن دمشق، حين طُلب منها بيروت عقد اجتماع جديد، اقترحت استضافته في جدّة.


توكيل الملف اللبناني إلى السعودية من قبل إدارة ترمب يعني أنها ستتبنى الرؤية السعودية تجاه لبنان، وهو أمر نادر الحدوث، وقد يكون مرتبطاً بسلسلة تفاهمات أعمق وذات إمتدادات بين الجانبين، وربما بأوراق وأثمان اقتصادية قدمتها الرياض. ويُحتمل أن يكون بن سلمان قد أقنع ترمب بأن أي توسيع لاتفاقات "إبراهام" يتطلب تغييراً شاملاً في الإقليم، يشمل لبنان وسوريا.


وهنا تحضر بقوّة الترتيبات والمناقلات التي أجرتها الإدارة الأميركية من ضمن ما سُمي "إعادة هندسة ملف الشرق الأوسط" لديها، من بينها تخفيض مستوى التدخل السياسي الأميركي في لبنان وهو ما فهم مع قرار إعفاء مورغان أورتاغوس من مهامها. ومن المحتمل أن يكون جزءً من الصفقة غير المعلنة مع السعودية أو من جراء تفاهم معهم.


تعتقد السعودية أن الوضع اللبناني لم يتعافَ بعد، ومن يتحدثون معها يدركون أنها تُحجم حالياً عن تقديم أي دعم فعلي، مكتفية بمواقف سياسية عامة. اما الوعود التي أُطلقت بشأن مساعدات خليجية أو إنعاش السياحة، فتظل معلّقة بانتظار تطورات ملموسة في ملفات عدّة، أبرزها سلاح حزب الله. وإلى حين تحقق هذه الأهداف، ستبقى السعودية في موقع المراقب.


على الأرض، لا مؤشرات فعلية على عودة الخليجيين بالكثافة التي جرى الحديث عنها مؤخراً، رغم رفع بعض القيود على السفر. منازلهم الصيفية لا تزال خالية إلى حد كبير، والحجوزات الفندقية تكاد لا تذكر. دبلوماسياً لا حراك فعلي: لا عودة إماراتية كما سبق وأعلن، ولا تحديث إستثنائي في العلاقات مع السعودية ولا تطور في البحرينية أو الكويتية.


قد يُفهم أن إعفاء مورغان أورتاغوس من مهامها مرتبطٌ بشؤون لبنانية وأميركية بحتة، وهذا صحيح. لكنه لا يُلغي التأثير السعودي. إذ ترى الرياض أن على واشنطن تخفيف اندفاعتها السياسية في لبنان، والابتعاد عن الضغوط السياسية المباشرة، ببساطة لأن الأجواء السياسية اللبنانية الراهنة لا توحي بأن الحلول قريبة.


فحزب الله لا يبدو في وارد تسليم سلاحه شمالي الليطاني أو تقليص حضوره الداخلي. بل إن المعطيات تشير إلى أنه يربط سلاحه بسياقات تتجاوز الخطر الإسرائيلي، ولبنان لا يبدو قادرًا على التعافي، رغم كل ما قُدّم مؤخرًا.


على هذا الأساس، يُحتمل أن واشنطن استبدلت نموذج التدخل المباشر الذي كانت تمثله أورتاغوس، بنهج جديد يتماشى والتوجه السعودي. هذا النهج قد يتمثل في رفع وتيرة العسكرة جنوباً، وهو ما رافقته تعليقات من مقربين من واشنطن والرياض في بيروت بشأن تغيّر الرؤية الأميركية للبنان.

وقد اتفق هؤلاء على أن الفترة المقبلة قد تترافق وتصعيد عسكري إسرائيلي مُتجدّد، إنطلاقاً من أن إسرائيل حافظت وتحافظ على أجواء العسكرة ضمن الحيّز الجنوبي. وليس من الضروري أن يكون ذلك عبر حرب شاملة كما حدث بين 17 أيلول و27 تشرين الثاني 2024.


إذاً، يصبح غياب الخليجيين عن لبنان، رغم قرارات رفع حظر السفر، أمراً مفهوماً. فلماذا تغامر دول الخليج وتسمح لمواطنيها بالسفر إلى لبنان، في حين أن إسرائيل تقول صراحة إنها بصدد تنويع نشاطها العسكري هناك؟


كذلك، تصبح التبدلات الأميركية مفهومة إلى حدٍّ ما: تخفيف الضغوط السياسية مقابل السماح لإسرائيل بحرية عسكرية أكبر، بشرط أن تكون مضبوط. وعليه، لم تعد هناك حاجة إلى نموذج مورغان أورتاغوس التصعيدي، طالما أن اليد الإسرائيلية الخشنة حاضرة. ولا توجد أولوية لأن تنخرط إدارة ترامب في تفاصيل الملف اللبناني من خلال مبعوث خاص، بل تفضل إعادة هذا الملف إلى كنف وزارة الخارجية مما يمكن تفسيره على أنه تخفيض لمنسوب الإهتمام الدبلوماسي الأميركي بلبنان، ما قد إلى إعادة أحياء أفكار أخرى، كإستبدال "اللجنة الخماسية" بأخرى ثنائية أو ثلاثية على أبعد تقدير تشمل فرنسا التي يُخطّط مبعوثها الدائم، جان إيف لودريان لزيارة بيروت خلال الفترة المقبلة، مع الإشارة إلى أن الأخير شريك إستراتيجي للرياض!

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة