أكّد رئيس الحكومة نواف سلام، في كلمة له خلال حفل تخرّج أقيم في جامعة بيروت العربية، أنّ مستقبل الوطن لا يُبنى إلاّ على أسس العلم، والحرية، والإرادة، تحت مظلّة مؤسسات تربوية وطنية راسخة، داعيًا إلى إعادة إحياء المبادئ التي قامت عليها "النهضة العربية" واستكمال مشروعها التنويري عبر تعزيز دولة القانون وتكريس حقوق الإنسان.
وفي مستهل كلمته، توجّه سلام بـ"جزيل الشكر والامتنان" إلى مجلس أمناء الجامعة على منحه درجة الدكتوراه الفخرية في القانون، معتبرًا إيّاها "تعبيرًا عن ثقة ومسؤولية أكثر منها تكريمًا شخصيًا"، ومؤكدًا أنّ الجامعة لا تزال تمثّل منارةً للعلم والانفتاح والتعدّد في قلب بيروت، تمتد جذورها إلى الإسكندرية، وتفتح أبوابها لكل طالب من الوطن العربي.
وقال سلام: "أقف اليوم أمامكم ليس بصفتي رئيس حكومة لبنان فحسب، بل كمواطن لبناني مؤمن بدور الشباب في النهوض بالوطن"، مشيدًا بالدور المتجدد لجامعة بيروت العربية عبر عقود، لا سيّما خلال السبعينيّات حين كانت تشكّل، كما قال، "مركزًا ثقافيًا ومطلبيًا وسياسيًا، لا سيّما من خلال قاعة جمال عبد الناصر الشهيرة".
وإذ أشار إلى أنّ هذه الجامعة مثّلت امتدادًا مشرقًا للروابط التاريخية والثقافية التي جمعت بيروت بكلٍّ من القاهرة والإسكندرية، أعرب عن أسفه لأن مشروع النهضة العربية ظلّ غير مكتمل، رغم ما تحقق من إنجازات على صعيد التنوير والعقلانية والحرية الفردية والتسامح الديني.
وشدّد سلام على ضرورة تعميق هذا المشروع من خلال ترسيخ مبادئ دولة القانون واحترام حقوق الإنسان، داعيًا إلى "تقديم مفهوم المؤسسة على دور الأفراد في الحياة العامة"، لأن "تقدّم الدول لم يتحقّق إلا من خلال التراكم الذي تتيحه المؤسسات، وحسن التنظيم، والمهنية العالية بعيدًا عن الاعتبارات الاجتماعية التقليدية والمصالح الفئوية".
وفي ختام كلمته، خاطب سلام الخريجين بالقول: "لا تيأسوا إذا تأخر القانون الدولي في إحقاق العدالة. فصوت فلسطين اليوم يعلو في أعلى المحافل الدولية، ولو بعد زمن طال انتظاره، حيث تحمّل إسرائيل ثمن ما ارتكبته في غزة. فالقانون الدولي هو الذي يجعل من جرائم الحرب جرائم، رغم أنّه لا يُطبّق دائمًا أو يُطبّق بانتقائية. لكن الجواب ليس في التخلّي عنه، بل في جعله أكثر شمولية وعدالة".