لم يعد الإصلاح شعاراً بل تحول إلى مواجهة علنية بين الفريق الذي يرفع هذا الشعار والفريق المتمسّك ب"الحسابات السياسية والمحاصصة الطائفية". ولا تقتصر كلفة هذه المواجهة على الحكومة ورصيدها المهدد ب"التآكل"، بل تطال الفرصة الأخيرة من أجل الإصلاح والتي ركز عليها الموفد الفرنسي جان إيف لودريان في كل لقاءاته خلال اليومين الماضيين في بيروت.
وتعتبر مصادر سياسية مطلعة أن ما ظهر إلى العلن بالأمس عن تجاذبات "الكواليس" حول التعيينات القضائية، يشي بأن المواجهة بدأت تحتدم، حيث أن ما من مجال للتراجع أمام الإصرار من قبل الثنائي الشيعي على "حصرية" التمثيل في التعيينات الخاصة بالطائفة.
وتعترف المصادر السياسية المطلعة لـ"ليبانون ديبايت"، بأن الحكومة أمام معركة وجودية، بعدما وصلت العملية الإصلاحية إلى مفترق طرق، حيث لم يعد من الممكن المراوحة عند شعارات الإصلاح، مقابل من يعتبر التعيينات "إثباتاً للوجود والنفوذ أمام بيئته".
لذلك وإزاء هذه "الحصرية"، كما تسمّيها المصادر، فإن البعض يعتبر أنه يجب التعاطف مع "طائفة منكوبة"، فيما يرفض البعض الآخر أي تنازل عن الإصلاح في التعيينات الإدارية.
وعليه، تفترض هذه المصادر أن تصمد الحكومة أمام كل هذا الإصرار من قبل رئيس مجلس النواب نبيه بري، مؤكدةً أن الإنزلاق إلى لعبةٍ هو الرابح الوحيد فيها، سوف يحوّل كل استحقاق أو قرار مصيري إلى موضوعٍ إشكالي وخلافٍ سياسي وطائفي، وتكون نهايته محسومة لصالحه.
كما أن المصادر السياسية تحذر من أنه في حال سلكت الحكومة مسار لعبة المحاصصة، فإن الخشية ستكون من أن تكرر تجربة سابقاتها، وبالتالي تهديد مصداقيتها وحتى وجودها، كونها تحمل عنوان الإصلاح.
وإذ تقرّ المصادر بصعوبة الصمود أمام رئيس المجلس، تؤكد بأن قوة الحكومة في صمودها بوجه كل الضغوط وإعلانها الحرب على المحاصصة السياسية، لأن دخولها في المحاصصة سوف يضعفها، خصوصاً وأن كل التجارب على مدار العقود الماضية، أثبتت أنه مدير اللعبة السياسية.