تنبىء حالة الإستنفار العسكرية الدولية في المنطقة، وتنامي التحذيرات من تصعيدٍ قد يخرج عن السيطرة في الحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران، ومن اتساع النار المشتعلة إلى بلدان أخرى في المنطقة ومن بينها لبنان، وهو ما أعلنه بشكل صريح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يحبس اللبنانيون أنفاسهم وسط مخاوف جدية ممّا ستحمله الأيام التالية، إنطلاقاً من تجارب سابقة تحول فيها لبنان إلى ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية ما تسبب بتدميره مرات عدة، أو على الأقل الإبقاء على "وظيفته" كصندوق بريد لتوجيه الرسائل الصاروخية.
ولم يكن تحذير الرئيس ماكرون من خطورة الوضع في لبنان إلاّ جرس إنذارٍ للقوى السياسية التي ما زالت في واقع المتفرج على المواجهة الإسرائيلية – الإيرانية، وذلك من دون أي مقاربة تأتي على مستوى الحدث الذي سيكرس خارطة النفوذ في المنطقة، من خلال "آخر الحروب"، كما تتحدث عنها مصادر مطلعة لـ"ليبانون ديبايت".
وتركز المصادر المطلعة على أن مرحلة الصدمة قد مرّت وبات من الملحّ اليوم أن يلحظ اللبنانيون الغارقون في الأزمات، أن اليوم التالي للحرب لن يكون لبنان مسرحه المقبل، وأن يتأكدوا من هذا الأمر من خلال بيان أو إعلان رسمي على غرار "إعلان بعبدا"، يؤكد فيه لبنان الرسمي عدم الإنزلاق إلى حرب إسرائيل وإيران.
من هنا فان الخشية جدية لدى المجتمع الدولي كما لدى الداخل اللبناني، من ارتدادات هذه الحرب المرشّحة على لبنان، حيث تتوقع المصادر المطلعة ان تشكل نتائجها، أسس المرحلة الأخيرة من مراحل تغيير خريطة المنطقة واعادة رسم نفوذ الدول فيها.
وفي مقاربة المخاوف "المبررة" لدى غالبية اللبنانيين، تعتبر المصادر أن تحييد لبنان عن احتمال تحويله مجدداً إلى ساحة معركة مرةً جديدة، يكون سياسياً عبر تطبيق "إعلان بعبدا" 2012، وميدانياً عبر تطبيق القرار 1701، وبالتالي بسط سلطة الشرعية الدولية جنوب نهر الليطاني.
وتشدد المصادر على أن تحييد لبنان ومنع امتداد اللهيب الإقليمي إلى أراضيه وفصله عن الصراع الحالي، ممكن ولا يتطلب حلقات طويلة من النقاش والحوار، وقد سبق وأن اتفقت عليه كل المكوّنات اللبنانية ومن ضمنها "حزب الله"، من أجل تثبيت الإستقرار ومنع أي طرف لبناني من التدخل في أي حرب أو نزاعات في المنطقة أو في الدول المجاورة.
ومن المعلوم أن "إعلان بعبدا" هو وثيقة رسمية تمّ اعتمادها من قبل مجلس الأمن الدولي والجامعة العربية والإتحاد الأوروبي، فيما تعتبره فرنسا مرجعيةً تستند إليها في علاقاتها السياسية مع لبنان وفي المحافل الدولية، وفق ما يؤكد الرئيس السابق ميشال سليمان، الذي كان "عرّاب" الحوار ووثيقة "إعلان بعبدا".