"ليبانون ديبايت"
أثار الإجتماع الأمني الذي دعا إليه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون بالأمس في قصر بعبدا، بحضور قادة الأجهزة الأمنية، بهدف مناقشة التطورات الإقليمية وتحييد لبنان عن تداعيات الحرب المتصاعدة بين إسرائيل وإيران، ردود فعل غاضبة في الأوساط السنّية السياسية والنيابية، لا سيّما أنه عُقد دون التنسيق المسبق مع رئيس الحكومة نواف سلام، ما اعتُبر تجاوزاً لصلاحياته ودوره الدستوري.
مصادر سنّية واسعة الإطلاع، وصفت ما جرى بأنه "تراكم خطير لسلوك أحادي ينتهجه رئيس الجمهورية، يعكس منهجية إقصائية في إدارة الحكم، لا تراعي مبدأ الشراكة المنصوص عليه في اتفاق الطائف، بل تضرب بعرض الحائط الموقع الدستوري والسياسي لرئاسة الحكومة".
ووفق ما نُقل عن عدد من النواب والشخصيات السنّية، فإن الإستياء لم يعد محصوراً بدائرة معينة، بل أخذ يتوسع ليشمل مرجعيات وشخصيات لا تربطها بالضرورة علاقة صدامية مع الرئيس نواف سلام، إنما ترى في التعاطي الحالي من قبل رئيس الجمهورية "فوقية سياسية" و"تهميشاً ممنهجاً" لمنصب رئاسة الحكومة، بغض النظر عن هوية من يتولاه.
وبالرغم من التباينات السياسية القائمة بين بعض النواب السنّة والرئيس سلام حول أسلوبه في إدارة شؤون الحكومة، إلاّ أن هناك إجماعاً على رفض تحويل رئاسة الحكومة إلى مجرد منصب رمزي أو "خيال صحراء"، كما ورد على لسان أحد النواب، لما يشكّله ذلك من مساس مباشر بجوهر اتفاق الطائف، الذي منح موقع رئاسة الحكومة صلاحيات تنفيذية أساسية لا يمكن تجاوزها.
وفي هذا الإطار، أُجريت اتصالات بين عدد من النواب السنّة للتداول في الخطوات المقبلة، وقد جرى التوافق على ضرورة معالجة هذا المسار السياسي بشكل عاجل. واعتبرت تلك المراجع أن استمرار رئيس الجمهورية في التعاطي الأحادي، واتباعه سياسة الكيل بمكيالين في تعامله مع رئيس مجلس النواب نبيه بري من جهة، ورئيس الحكومة نواف سلام من جهة أخرى، هو أمر غير مقبول ويتطلب وقفة حازمة.
وقال أحد النواب صراحة: "إن كان الرئيس عون يتعامل مع الرئيس بري كشريك دستوري كامل، فعليه أن يتعامل مع الرئيس سلام بالمثل، وإلاّ يكون بذلك يضرب قاعدة التوازن الطائفي والسياسي التي قام عليها النظام اللبناني بعد الطائف".
وتشير المعلومات إلى أن النواب السنّة يتجهون إلى عرض هذا الملف الحساس على سفير المملكة العربية السعودية في بيروت وليد بخاري، إنطلاقاً من دور المملكة التاريخي في رعاية اتفاق الطائف وضمان تطبيقه، إضافة إلى بحث تشكيل أداة دبلوماسية - سياسية محلية تُمارس ضغطاً باتجاه تصويب الأداء الرئاسي، وتأكيد أن الحكم في لبنان لا يمكن أن يُختزل بشخص رئيس الجمهورية، بل هو ثمرة شراكة بين الرئاستين الأولى والثالثة، إلاّ إذا كان رئيس الجمهورية ينفذ انقلاباً صامتاً على اتفاق الطائف.
وتختم المصادر بالإشارة إلى أن بعض الأصوات بدأت ترتفع داخل الطائفة السنّية مطالبة الرئيس نواف سلام بكسر صمته واتخاذ موقف واضح مما يجري، في ظل شعورٍ عام بأن "موقع رئاسة الحكومة يتعرض لمحاولة تهميش حقيقية، وذلك لأن الرئيس سلام لا يُمثّل نفسه فحسب، بل يمثل طائفة بأكملها ويشغل أعلى منصب سنّي في الدولة، وبالتالي تقع على عاتقه مسؤولية الحفاظ على موقعه وصلاحياته كما نصّ عليها الدستور".