تواصل التوتر الميداني بين إيران وإسرائيل لليلة الخامسة على التوالي، وسط تصعيد غير مسبوق في وتيرة تبادل الضربات الصاروخية والتهديدات المتبادلة، ما دفع بالرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الدعوة لإخلاء العاصمة الإيرانية طهران "فوراً"، في وقت بدأت فيه عمليات إجلاء جماعية لمواطنين أجانب من إسرائيل وإيران معاً.
ورغم دعوات دولية متكرّرة لضبط النفس، فإن التصعيد الذي بدأ فجر الجمعة مع الضربة الإسرائيلية الأولى ضد إيران، يتّجه إلى مزيد من التدهور. وكانت العملية العسكرية الإسرائيلية تهدف، وفق ما أعلنه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إلى "منع إيران من امتلاك قنبلة نووية"، فيما ردّت طهران بسلسلة هجمات متواصلة بالطائرات المسيّرة والصواريخ.
ليلاً، أعلنت وسائل إعلام إيرانية أن الضربات الإسرائيلية استهدفت مبنى التلفزيون الوطني في طهران، مما تسبب بانقطاع بثّه لفترة قصيرة، في حين أُطلقت صافرات الإنذار مرارًا في مختلف المناطق الإسرائيلية، لاسيما في الشمال، قبل أن يعلن الجيش أنه أصبح بإمكان السكان الخروج من الملاجئ بعد انحسار التهديد.
وأعلن "الحرس الثوري" الإيراني فجر الثلاثاء إطلاق "الدفعة التاسعة من الهجمات المركّبة بمسيّرات وصواريخ"، مشيرًا إلى أنها ستستمر "بلا انقطاع حتى الفجر".
بحسب حصيلة رسمية نشرتها وكالة "إرنا"، أسفرت الضربات الإسرائيلية على الأراضي الإيرانية عن استشهاد 224 شخصاً وإصابة أكثر من 1000، بينهم عناصر من الهلال الأحمر، فيما أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن مقتل 24 شخصًا داخل "إسرائيل" نتيجة الهجمات الإيرانية، منذ بدء التصعيد فجر الجمعة.
في موازاة المعارك، نشر الرئيس الأميركي دونالد ترامب تدوينة على منصته "تروث سوشال"، قال فيها: "لا يمكن لإيران امتلاك سلاح نووي، وكرّرت ذلك مرارًا. يا لها من خسارة وإهدار للأرواح البشرية... يجب على الجميع إخلاء طهران فوراً".
وأعلن ترامب مغادرته المبكرة لقمة مجموعة السبع المنعقدة، للتفرغ لمتابعة التطورات الميدانية من غرفة العمليات، طالبًا من مجلس الأمن القومي الاستعداد الفوري لأي طارئ.
على وقع التصعيد، بدأت عدة دول بإجلاء مواطنيها من إسرائيل وإيران:
-الولايات المتحدة أعلنت نشر "موارد إضافية" في الشرق الأوسط، فيما غيّرت حاملة الطائرات "نيميتز" مسارها نحو المنطقة.
-الصين حضّت مواطنيها على مغادرة إسرائيل فورًا، بالتوجّه نحو الأردن.
-ألمانيا تنظم رحلات إجلاء من عمّان إلى فرانكفورت، وطلبت من مواطنيها التوجّه برًّا إلى الأردن.
-بولندا وسلوفاكيا أطلقتا عمليات برية وجوية لإجلاء رعاياهما عبر الأردن وقبرص.
-روسيا أجْلت مئات المواطنين، بينهم عائلات دبلوماسيين، من إيران إلى أذربيجان.
-إيران أكدت مقتل 3 عناصر من الهلال الأحمر أثناء تأدية مهامهم الإنسانية نتيجة قصف مباشر على طهران.
في مؤتمر صحافي مساء الإثنين، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: "نُغيّر وجه الشرق الأوسط، وقتلنا عددًا من كبار القادة العسكريين الإيرانيين"، مشدداً على وجود "تنسيق جيد" مع الولايات المتحدة. وأشار إلى أن اغتيال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي قد يكون كفيلاً بـ"وضع حد نهائي للنزاع"، بحسب تعبيره.
ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى وقف فوري للهجمات ضد المدنيين، محذّراً من أن أي محاولة لتغيير النظام في إيران بالقوة ستكون "خطأ استراتيجياً".
فيما شدد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على أن واشنطن قادرة على وقف الضربات الإسرائيلية باتصال هاتفي واحد فقط، محمّلًا "إسرائيل" مسؤولية تعطيل محادثات سلطنة عُمان التي كانت مقررة الأحد، بهدف استئناف المفاوضات النووية.
وأعلن نتنياهو أن الضربة الإسرائيلية دمّرت "المنشأة الرئيسية" في نطنز، لكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية قالت أنها لم ترصد "مؤشرات على استهداف المنشأة تحت الأرض"، ما يفتح الباب أمام تضارب الروايات بين تل أبيب وطهران.