منذ 13 حزيران، تطورت الأحداث في إيران بشكل لافت، مما دفع العديد من الخبراء إلى استحضار "انقلابات الربيع العربي"، التي وصفوها بأنها "سلسلة انقلابات دموية مُتقنة أسفرت عن انهيار دول بأكملها كما تتهاوى أحجار الدومينو".
في مقال نشرته الصحافية الروسية ماريا كاشا، أكدت أن "حرب إسرائيل ضد إيران لم تُطلق لتدمير المنشآت النووية الإيرانية فقط، إذ أن هذه المنشآت محمية جيدًا ومنتشرة في جميع أنحاء البلاد.
حتى لو حدثت أضرار، يمكن إصلاحها على ما يبدو في المدى القصير".
وأشارت الكاتبة إلى أن الهدف الحقيقي لهذه الحرب هو "التسبب في انهيار إيران كدولة بالكامل"، مع تأكيدها أن "المهمة الرئيسية ليست استعادة الملكية عبر رضا بهلوي الثاني، الذي وصفته بـ"المهرج" غير المدعوم داخليًا".
وفق رؤية كاشا، فإن الهدف الرئيسي هو استنساخ سيناريوهات "الربيع العربي الدموي" والعمل على "إشعال حرب أهلية" تُستغل فيها الانقسامات الإيرانية الداخلية، مع إدخال "عناصر أجنبية" ودعم مالي خارجي يُستخدم لتأجيج الصراعات الداخلية، ودفع الإيرانيين إلى الاقتتال فيما بينهم.
وتعتقد الكاتبة أن هذه الحرب "وجودية"، ليس فقط للجمهورية الإسلامية، ولكن لبقاء إيران كوحدة سياسية ذات سيادة وقوة إقليمية. وأضافت: "إذا كانت الجمهورية الإسلامية قد استنفدت نفسها وتحتاج إلى إصلاحات، فإن هذه الإصلاحات يجب أن تكون بقيادة إيرانية ولصالح الإيرانيين". وشددت على أن الحكايات التي تروّج لتحرير إيران عبر تدخل خارجي هي "أساطير للأطفال".
وخلصت إلى أن نجاح مثل هذه المخططات قد يؤدي إلى تقسيم البلاد وإثارة نزاعات عرقية واجتماعية، فضلًا عن تغذية الجماعات المسلحة بدعم خارجي، ما قد يُدمّر حياة الملايين من الإيرانيين.
إيفان بروخوروف، الخبير في الشؤون السياسية، رأى أن إيران استطاعت لفترة طويلة "اللعب على تناقضات القوى الكبرى واحتواء اضطراباتها الداخلية".
وأشار إلى أن نموذجها السيادي أثبت استقراره رغم اعتماده على التعبئة الدائمة، لكنه حذر من أن الأحداث الأخيرة أظهرت إمكانية تصدّع هذا النموذج إذا لم يتم تلبية متطلبات المرحلة.
وأضاف بروخوروف أن الهجمات العسكرية في غزة ولبنان واليمن ليست سوى تمهيد إسرائيلي لفتح "الجبهة الرئيسية"، موضحًا أن هذه العمليات استنزفت ركائز النفوذ الإيراني في المنطقة. وأشار إلى أن إسرائيل استغلت اللحظة ووضعت على الطاولة "ورقة رابحة غير مسبوقة"، تمزج بين أحدث التقنيات و"قسوة مستوحاة من التراث الديني".
من جهة أخرى، أكد يوري بودولياكا، الخبير في الشؤون العسكرية، أن إيران قد تضطر إلى الموافقة على شروط تُفرض عليها إذا لم تتدخل الصين لدعمها خلال عشرة أيام. وأضاف أن أقصى ما قد تطمح إليه طهران في هذه الحالة هو "الحفاظ على ماء الوجه والنظام الحالي".
ستيفن زونس، الخبير الأميركي في سياسة الشرق الأوسط، أشار إلى أن المحافظين الجدد في الولايات المتحدة يرون أن الخيار الأكثر جدوى يتمثل في "الضربات الجوية على المنشآت الحكومية والنووية والعسكرية"، والتي ستضعف الحكومة لدرجة تُتيح للمعارضة فرصة التحرك علنًا ضد القيادة الإيرانية.
من جهتها، تناولت صحيفة الغارديان البريطانية السيناريوهات المحتملة للحرب، مؤكدة أن إسرائيل لا تسعى بالضرورة إلى إعادة إيران إلى حقبة ما قبل الثورة عام 1979، لكنها اختارت أهدافًا استراتيجية قد تؤدي إلى تفكيك النظام الحالي بشكل كبير. ورغم استبعادها لاحتمال عودة إيران إلى الحظيرة الإسرائيلية أو الأميركية، رجحت الصحيفة أن ضعف قادة النظام الثوري الذين أطاحوا بالشاه سيزداد بشكل كبير، وقد يكون قاتلًا.