حسن، الشاب المعروف والمحبوب في منطقته، لم يكن هدفًا عسكريًا، تمامًا كما كان حال محمد – مع التأكيد أن استهداف أي إنسان مرفوض أساسًا. ذنب محمد أنه قرّر أن يقاوم عدوًا، وذنب حسن أنه كان شابًا لبنانيًا عاديًا؛ يحلم، يُحب، ويكافح من أجل مستقبل كريم، كما يفعل كثيرون من أبناء هذا الوطن المنهك.
بعد صراعٍ مرير مع إصابته، فارق حسن الحياة اليوم، تاركًا غصّة في قلوب من عرفوه، وصدمة في النبطية وكفرجوز، وفي نفوس كل من تابع قصته.
عدد من المقرّبين منه عبّروا لـ"ليبانون ديبايت" عن حزنهم العميق، واصفين حسن بأنه كان شابًا "مكافحًا، خلوقًا، ومبدعًا"، لم يعرف اليأس رغم قساوة الظروف، خاصة بعد وفاة والده، حيث تحمّل مسؤولية والدته وشقيقاته، وكان لهنّ السند والداعم.
وأشاروا إلى أن حسن، "العريس الجديد" الذي تزوّج حديثًا وبدأ بتأسيس حياة جديدة، كان يكتب باستمرار عن طموحاته على وسائل التواصل الاجتماعي، ويشارك أصدقاءه أفكاره عن مشروعه التجاري، وعن رغبته في إعادة الألوان والحياة إلى جدران مدينته التي طالما سوّدها القصف والدمار.
واليوم، كما قال أحد أصدقائه: "إسرائيل لم تقتل حسن فقط، بل اغتالت أحلامه، دمّرت قلب أمه، وأوجعت زوجته، وأحرقت مستقبل عائلةٍ كانت تتعلّق به".
وتساءلوا بمرارة: "أين الدولة من كل هذا؟ ما ذنب حسن؟ إلى متى ستبقى الخروقات الإسرائيلية تمرّ من دون موقف رسمي رادع؟ متى تتحرك الدولة بدبلوماسية مسؤولة لحماية أرواح أبنائها؟".
ومع تصاعد الغارات واستمرار التصعيد الخطير في الجنوب، يتخوّف كثيرون من تحوّل مشهد استشهاد حسن إلى مشهد يوميّ متكرّر. ففي كل لحظة قد يولد "حسن جديد"، يُقتل فقط لأنه يعيش على أرض قررت إسرائيل أن تستبيحها، بحججٍ وأهداف باتت مكشوفة للجميع.
اليوم، تبكي النبطية شهيدها الشاب. أمٌّ فقدت سندها، وزوجةٌ فقدت شريك عمرها، وأصدقاءٌ فقدوا من كان يملأ حياتهم بالحلم والفرح.
رحل حسن، لكن صوته باقٍ في ذاكرة من عرفوه… صدى الطموح، ووجع الغياب، ومرارة الوطن الذي لم يمنحه شيئًا سوى وداعٍ قاسٍ.