في هذا الإطار يوضح أستاذ العلوم السياسية العميد الركن الدكتور حسن جوني، في حديثٍ لـ"ليبانون ديبايت"، أنه "من الممكن أن يكون هناك تباين في وجهات النظر بين رئيس مجلس النواب نبيه برّي وأمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم، وقد يُفهم هذا التباين في سياق أن الرئيس برّي، بصفته رئيسًا للسلطة التشريعية، يعكس في مواقفه التوجّه الرسمي للدولة اللبنانية، والذي يتمثل في التأكيد على أن لبنان ليس في وارد الدخول في الحرب، ولا يسعى إلى الانخراط المباشر في الصراع".
في المقابل، يشير إلى أنه "قد يُفهم موقف الشيخ نعيم قاسم ضمن الإطار النظري والإعلاني، دون أن يحمل بالضرورة ترجمة عملية على الأرض، وإذا أردنا تقييم إمكانية انخراط "حزب الله" في الحرب، أعتقد أن هذا الخيار غير مرجّح لعدة اعتبارات أساسية:
أولًا: من حيث القدرات، فإن الإمكانيات العسكرية المتاحة حاليًا لدى الحزب قد لا تكون كافية لخوض مواجهة واسعة مع إسرائيل، لا سيما وأن إسرائيل، منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، ما زالت تنفّذ هجمات من طرف واحد، مستهدفة بيئة الحزب وكوادره بشكل شبه يومي، إضافة إلى استهداف الضاحية الجنوبية وسواها من المناطق، كما حدث مؤخرًا من خلال قصف واسع طال تسعة مبانٍ دفعة واحدة في الضاحية، ورغم ذلك، لم يأتِ الرد من الحزب، وهو ما يمكن فهمه في سياق موازين القوى، ولو كانت القدرة على الرد أو التدخل الفعلي متاحة، لكان الحزب قد استخدمها في سياق الدفاع والرد وليس فقط في سياق ومساندة إيران.
ثانيًا: مساندة إيران في حد ذاتها، لن تغيّر كثيرًا في المشهد العسكري أو في توازن الصراع القائم، لأن إيران تعتمد في معادلتها مع إسرائيل على ضربات نوعية في العمق الإسرائيلي، وهي، إن كانت بحاجة لدعم من هذا النوع، لكانت قد لجأت إليه سابقًا، وبالتالي، لا يبدو أن إيران بحاجة ملحة إلى تدخل مباشر من الحزب في هذا التوقيت.
أما في حال كان الحديث عن نوع آخر من العمليات، كالتسلل البري مثلاً، فيلفت إلى أنه "ثمة عقبات عديدة تحول دون تنفيذ مثل هذه السيناريوهات، أبرزها الالتزامات الدولية المترتبة على لبنان، لاسيما القرار 1701، الذي ينص بوضوح على منع أي نشاطات أو عمليات عسكرية ضد إسرائيل انطلاقًا من الأراضي اللبنانية، وهنا مسؤولية الدولة اللبنانية، والجيش اللبناني، ومعهما قوات "اليونيفيل"، في ضمان تطبيق هذا القرار ومنع أي خرق أمني، فاليوم، الجيش اللبناني يمسك بالأرض جنوب نهر الليطاني بشكل شبه كامل، ولن يسمح بزعزعة هذا الانتشار، لأن أي خرق أمني ستكون له تداعيات خطيرة، سواء على مستوى الاتفاقات الدولية أو على المستوى الداخلي اللبناني".
وإنطلاقًا من هذه المعطيات، يرى العميد جوني أن "حزب الله، إدراكًا منه لمسؤوليته الوطنية والاجتماعية، وخاصة تجاه بيئته الحاضنة، سيتجنّب الانزلاق نحو تصعيد غير محسوب، وستبقى مواقف الأمين العام للحزب ضمن إطار الدعم السياسي والمعنوي، دون أن تتحوّل إلى خطوات تنفيذية على الأرض".