وسط تصاعد غير مسبوق للتوتر في الشرق الأوسط، شهدت جنيف محادثات وُصفت بأنها "الفرصة الأخيرة" بين وزير الخارجية الإيراني ونظرائه في الترويكا الأوروبية (فرنسا، ألمانيا، بريطانيا)، بهدف تفادي مواجهة شاملة في ظل تهديد أميركي متزايد بالتدخل العسكري.
طرح الأوروبيون خلال الاجتماع مبادرة تتضمن وقف تخصيب اليورانيوم، حتى للأغراض السلمية، مع تفكيك منشآت الطرد المركزي، بما فيها موقع "فوردو" تحت الأرض، وعودة المفتشين الدوليين بسلطات تفتيش مفاجئة وغير محدودة. كما شملت المبادرة فرض قيود صارمة على البرنامج الصاروخي الإيراني، وإدراج تمويل طهران لمجموعات مسلحة كـ"حزب الله"، و"الحوثيين"، و"الحشد الشعبي" ضمن الاتفاق.
رغم أهمية المحادثات، غابت الولايات المتحدة عن الطاولة، وهو ما اعتبره محللون عاملًا يقلص من فرص نجاحها. في الوقت ذاته، أكدت الخارجية الأميركية أن الاجتماع لا يعكس موقف واشنطن، بينما صرّح الرئيس دونالد ترامب بأن "أسبوعين هما المهلة القصوى لاتخاذ قرار بشأن ضرب إيران"، ما يزيد من تعقيد الموقف.
من جانبه، أكد وزير الخارجية الإيراني أن قدرات بلاده الدفاعية "غير قابلة للتفاوض"، مشددًا على سلمية البرنامج النووي الإيراني، بينما أشار نظيره الفرنسي إلى إمكانية حل الأزمة دبلوماسيًا. في المقابل، أكد وزير الخارجية البريطاني أن امتلاك إيران لسلاح نووي "خط أحمر".
تزامنت المحادثات مع تصعيد ميداني شمل هجومًا إسرائيليًا على مبنى سكني في قم، وإسقاط طائرة مسيرة إيرانية فوق جنوب لبنان.
في تعليقه على التطورات، أشار الخبير في العلاقات الدولية، مهند العزاوي، إلى أن إيران "أخطأت في تقدير نوايا إسرائيل"، في حين رأى موفق حرب، محلل الشؤون الأميركية، أن الإيرانيين "يفاوضون تحت الضرب"، ويراهنون على كسب الوقت.
على الجانب الآخر، نفى محمد غروي، مدير مركز الجيل الجديد للإعلام، وجود أي مفاوضات مباشرة مع الأميركيين، معتبرًا أن ما يتم الترويج له هو "حرب إعلامية".
في فيينا، أوضح البروفيسور هاينز جارتنر أن الأوروبيين يسعون للعب دور "ناقلي الرسائل" بين طهران وواشنطن، مشيرًا إلى أن انسحاب ترامب من الاتفاق النووي أضعف الدور الأوروبي بشكل كبير.
وفي هذا السياق، توقع جارتنر أن الأوروبيين قد يقدمون تنازلات فنية لتجميد تخصيب اليورانيوم مقابل الإفراج عن بعض الأصول الإيرانية المجمدة.
بحسب محللين، يتريث الرئيس ترامب في اتخاذ قرار حاسم، مفضلًا انتظار ضمان "نصر سريع" دون التورط في "حرب طويلة الأمد".