يؤكد الكاتب والمحلل السياسي غسان ريفي، في حديثٍ لـ"ليبانون ديبايت"، أنّه "دائمًا هناك مخاوف حقيقية من عودة نشاط تنظيم داعش، ليس لأنه فصيل محلي، بل لأنه يتحرّك وفقًا لأجندات غربية. فعندما ينشط داعش، يكون ذلك غالبًا في سياق توظيف التوترات الأمنية أو التفجيرات، بما يخدم أهدافًا دولية محددة".
ويضيف: "لا شك أن ما حصل في الكنيسة الدمشقية حادث مدان ومستنكر ومستغرب، ويُعد تطورًا خطيرًا بالنسبة لسوريا، التي كانت تشق طريقها نحو الأمن والاستقرار، خصوصًا بعد الانفتاح العربي والدولي على دمشق، ولقاء الرئيس أحمد الشرع في السعودية، إلى جانب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن رفع العقوبات عن سوريا".
ويرى ريفي أن "مثل هذا الاعتداء من شأنه تقويض الأمن، وزعزعة ثقة السوريين بالواقع الأمني، كما يضع حكومة الرئيس أحمد الشرع في موقف لا تُحسد عليه أمام الرأي العام، لا سيما بعد أن تمكّن أحدهم من دخول كنيسة وارتكب تفجيرًا إرهابيًا انغماسيًا".
ويشير إلى أن "اللافت أن البعض استبق التحقيقات الرسمية وحدّد الجهة المنفذة، وأطلق الأحكام خلال ساعة واحدة فقط من وقوع التفجير، موجهًا الاتهام إلى إيران، بزعم أنها تسعى لصرف الأنظار عن ما يسمّونه 'هزيمتها النووية'. والواقع أن إيران لم تُهزم لا نوويًا ولا عسكريًا، بل إنها نجحت في تحقيق توازن استراتيجي مع الولايات المتحدة وإسرائيل، لكنّ هذا التحامل من بعض التيارات السياسية في لبنان، التي سارعت إلى اتهام إيران، لا يخدم إلا مشاريع مشبوهة، في حين أن الجهة الوحيدة المخوّلة الحديث في هذا الملف، أي الحكومة السورية، قد وجّهت الاتهام صراحة إلى تنظيم داعش".
ويلفت إلى أن "هذا الموقف السوري الرسمي يقطع الشك باليقين، ويكشف نوايا البعض ممن يصرّون على الزجّ بإيران في هذا الحدث، وكأن هدفهم الوحيد هو توظيف الحادث سياسيًا، في خدمة أجندات خارجية. وهنا تكمن الخطورة الحقيقية، لأننا، كما أشرت، أمام تنظيم لا يتحرّك إلا وفق أوقات خارجية محدّدة، فهل نحن أمام مشهد جديد من التوتّر والفوضى الأمنية في سوريا؟ وهل هناك رسائل مبطّنة توجَّه إلى الرئيس أحمد الشرع بهدف الضغط عليه أو إسقاط حكمه عبر التفجيرات والتصعيد؟"
أما فيما يخص لبنان، فيشدّد ريفي على أنه "على الدولة والحكومة أن تعطي التعليمات الواضحة لكل الأجهزة الأمنية، من جيش وقوى أمن داخلي وأمن عام ومخابرات، لتكون على أهبة الاستعداد، لا سيما بعدما سمعنا بعض التصريحات والتغريدات التي تحدثت عن إمكانية دخول مسلحين متطرفين باتجاه طرابلس، لكن حتى الساعة، لا مؤشرات جدّية على صحة هذا السيناريو".
ويختم بالقول: "لا أعتقد أن القوى الأمنية، وخاصة مخابرات الجيش، ليست في كامل الجهوزية لمنع أي خرق أمني من هذا النوع، كما أستبعد شخصيًا احتمال حصوله، خصوصًا وأن طرابلس كانت ولا تزال بعيدة عن هذا الفكر المتطرّف. فحين ظهرت مجموعات مثل فتح الإسلام عام 2007، وحين تصاعدت موجة التطرّف في 2012 في باب التبانة، كانت طرابلس بأهلها وقياداتها وشبابها إلى جانب الدولة والجيش، ولم تُشكّل بيئة حاضنة لهذا الفكر، وعليه، فإن الدولة، والأجهزة الأمنية، وأهالي طرابلس والشمال عمومًا، يقفون صفًا واحدًا بمسؤولية وطنية عالية، لمواجهة أي خطر محتمل".