منذ توليه الرئاسة، أبدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب ميلاً واضحاً إلى المخاطرة، إلا أن الضربات الجوية الأخيرة التي أمر بشنها على إيران ربما تمثل "أكبر مقامراته السياسية حتى الآن"، وفق ما يشير إليه مراقبون.
يرى خبراء أن المكافأة السياسية العالية لترامب تعتمد على نجاحه في الحفاظ على السلام الهش بين إيران وإسرائيل، وهو ما تحقق مؤقتاً بوقف إطلاق النار الذي فرضه، وفق تقرير لوكالة "رويترز".
لكن في المقابل، يحذر محللون من أن الأمور قد تخرج عن سيطرته، خاصة في ظل ترقب الرأي العام الأميركي الذي يبدي شكوكاً متزايدة تجاه السياسة الخارجية للرئيس.
فراس مقصد، المدير الإداري لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة أوراسيا، قال: "لقد راهن، ومضت الأمور في صالحه". وأضاف: "لكن يبقى أن نرى ما إذا كان وقف إطلاق النار سيصمد".
وفي حال انهار الاتفاق أو قامت إيران برد عسكري أو اقتصادي، قد يجد ترامب نفسه في مواجهة تفكك تحالف "أميركا أولاً"، الذي شكل أحد أعمدة حملته الانتخابية وعودته إلى الرئاسة.
من جهته، اعتبر كريس ستايروالت، المحلل السياسي في معهد المشروع الأميركي المحافظ، أن ترامب خاطر بإضعاف جوهر حركة "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى"، عبر انخراطه في صراع جديد في الشرق الأوسط.
وأضاف: "قرار ترامب بضرب إيران قد يشكل عقبة أمام الجمهوريين في الانتخابات المقبلة، وسيبقى ملف التدخل الأجنبي اختباراً محورياً في تشكيل الرؤية السياسية للحزب".
لم تكن إيران المقامرة الوحيدة التي خاضها ترامب، إذ أثارت سياساته التجارية المتعلقة بالرسوم الجمركية حالة من عدم اليقين في الأسواق، وفاقمت مخاوف التضخم. كما شهدت جهوده لتقليص البيروقراطية الحكومية تراجعاً، مع خروج إيلون ماسك من دائرة مستشاريه، في حين واجهت سياساته المتشددة تجاه الهجرة احتجاجات واسعة.
إذا نجح ترامب في تحقيق اختراق حقيقي يدفع إيران للتخلي عن طموحاتها النووية، فسيكون ذلك إنجازاً استراتيجياً يشكل إرثاً مهماً في مسيرته الرئاسية. ومع ذلك، فإن المخاطر ما زالت تحيط بهذا الرهان، خاصة في ظل انخفاض شعبيته إلى 41% وفق استطلاع "رويترز/إبسوس"، وهو أدنى مستوى في ولايته الثانية، بالإضافة إلى تراجع الدعم لسياساته الخارجية.
ختاماً، تبقى مقامرات ترامب شاهداً على أسلوبه المثير للجدل في القيادة، وقد تكون نتائجها هي ما يرسم إرثه السياسي بشكل نهائي.