شهدت الأيام الأخيرة توتراً متصاعداً بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والحكومة الإسرائيلية على خلفية خلافات بشأن التصعيد العسكري تجاه إيران، وفقاً لتقارير أميركية رسمية.
وأوضح الباحث وخبير الأمن القومي الأميركي براندون وايكيرت في تقرير لمجلة "ناشونال إنتريست" أن إسرائيل تسعى منذ أشهر إلى حرب شاملة مع إيران، إلا أن هذه الخطوة تعتبر مكلفة للغاية للولايات المتحدة.
وأشار وايكيرت إلى أن عملية "الأسد الصاعد" التي استهدفت قيادات عسكرية إيرانية ومنشآت نووية أشعلت شرارة الخلافات، حيث أبدى قادة إسرائيل استياءهم من إدارة ترامب، رغم دعمها الواسع لإسرائيل، بما في ذلك تعريض القوات الأميركية للخطر وتحفيز هجمات من مجموعات مؤيدة لإيران داخل الولايات المتحدة.
وأفادت تقارير إعلامية عن مشادة هاتفية حادة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بعد إعلان ترامب وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران مساء الاثنين. كما شهدت الاتصالات بين وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية والموساد الإسرائيلي توتراً مماثلاً، حسب ما أفاد به مسؤولون.
وذكرت مصادر أن إسرائيل انتهكت وقف إطلاق النار أكثر من مرة بعد ساعات من إعلانه، فيما صرح ترامب أن الجيش الإسرائيلي خرق الاتفاق بمجرد دخوله حيز التنفيذ، ما دفع إيران إلى شن هجمات انتقامية. وقال ترامب للصحافيين صباح الثلاثاء: "لا إسرائيل ولا إيران تعرف ما الذي تفعله بحق الجحيم!".
ولفت وايكيرت إلى أن الغضب الأكبر جاء من قادة إسرائيل وداعميها، رغم أن الأوساط المؤيدة لإسرائيل في أميركا رحبت بدعم ترامب للعمليات العسكرية الإسرائيلية ضد إيران واستهداف منشآتها النووية، إلا أنها انتقدته بشدة عقب إعلانه وقف إطلاق النار.
وأشار الباحث الأميركي إلى أن إسرائيل ترى في إيران تهديداً وجودياً، ويعتقد قادتها أن الوقت قد حان لتدمير المنشآت النووية الإيرانية وإنهاء التهديد بشكل نهائي، وهو ما يتطلب مشاركة عسكرية أميركية ودعماً كاملاً من ترامب. وفي المقابل، يحاول ترامب الموازنة بين التصعيد وعدم الانجرار إلى حرب شاملة، معتبراً أن الخيار الثالث هو تنفيذ ضربات محددة واستهداف منشآت نووية داعمة لإسرائيل والولايات المتحدة، إلى جانب الدعوة إلى دبلوماسية حقيقية ووقف إطلاق النار.
ويرى وايكيرت أن هذا التوجه يضع إسرائيل في وضع صعب، إذ ستواجه إيران أكثر تطرفاً وقدرة نووية متجددة، ما يدفع إسرائيل نحو مزيد من التصعيد، بينما الولايات المتحدة تفضل مساراً معتدلاً يتماشى مع رؤية ترامب.
وذكر وايكيرت أن هذا النهج لم يرضِ جميع الأطراف، حيث يرغب الصقور في تصعيد أكبر، بينما يرى الحمائم أن ترامب تجاوز الحدود. كما أكد أن اتفاق وقف إطلاق النار يعد إنجازاً لترامب وفريقه في إدارة الأزمة.
واختتم وايكيرت بالتأكيد على أن استياء الأطراف من سياسة ترامب دليل على نجاحه في إدارة الملف الشرق أوسطي، مستشهداً بخطاب ترامب في الرياض الذي أعلن فيه اعتماد نهج يقوم على التجارة بدلاً من الصراع، مشيراً إلى أن ترامب كان مستعداً لاستخدام القوة عند الحاجة، لكنه رفض إغراق الجيش الأميركي في حروب لا نهاية لها.
وختم بالتساؤل عما إذا كان ترامب سيستطيع الحفاظ على دعم إسرائيل لتحقيق نهاية دائمة لهذا الصراع، مجيباً: "الزمن كفيل بالإجابة".