بعد الهجمات الجوية الأميركية والإسرائيلية التي استمرت 12 يوماً ضد إيران، تتزايد التساؤلات حول تبعات إمكانية استئناف طهران تشغيل مواقعها الخاصة بتخصيب اليورانيوم.
وفي تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنتريست" الأميركية، يشير المحلل جريج بريدي إلى أن النجاح العسكري الواضح للحملة لم يحقق توازناً مستقراً، وهو أمر يبدو أن الرئيس دونالد ترامب يحاول إنكاره، رغم اعترافه بأن استئناف المفاوضات مع إيران سيكون ضرورياً.
خلال قمة حلف شمال الأطلسي في لاهاي في 25 حزيران، أكد ترامب أنه في حال استأنفت إيران برنامج تخصيب اليورانيوم، فإن الولايات المتحدة سترد عسكرياً.
ويرجع جزء من النهج الدفاعي لإدارة ترامب إلى تقرير وكالة استخبارات الدفاع الصادر في 24 حزيران، الذي أشار إلى أن البرنامج النووي الإيراني تراجع لعدة أشهر، لكنه لم يتعرض لتدمير كامل، مع بقاء المعدات الرئيسية.
وتحذر التقارير وتحليلات الخبراء من أن الحملات الجوية القصيرة لا يمكنها إيقاف البرنامج النووي الإيراني بشكل نهائي، كما أشار النائب الديمقراطي مايك كويجلي بأن المسؤولين الاستخباريين الأميركيين أخبروه بأن الضرر لن يكون دائماً، مما أدى إلى تأجيل جلسة إحاطة سرية في الكونغرس.
بدورها، أعلنت إيران بوضوح عزمها إعادة بناء برنامجها النووي، وهو ما يعني أن وقف إطلاق النار الحالي قد لا يستمر طويلاً، حيث ستتطلب استئناف أنشطة التخصيب مزيداً من الهجمات الإسرائيلية أو الأميركية.
ويُحتمل أن تسعى إيران لرفع نسبة تخصيب اليورانيوم العالي إلى ما يفوق 60%، بما يؤهلها لصنع رؤوس حربية نووية. وبقي لدى إيران مخزون يورانيوم عالي التخصيب بنسبة 60%، كما يمكنها في حال إقامة منظومة أجهزة طرد مركزي سرية أن تصنع رأساً حربياً.
يشير بريدي إلى أن وقف إطلاق النار الحالي هش، وأن ترامب بحاجة إلى إقناع إيران بقبول قيود صارمة خلال مفاوضات جديدة، رغم أن إيران ستصر على الاحتفاظ ببعض عمليات التخصيب.
وإذا أصرّت الإدارة الأميركية على رفض أي تخصيب، فقد تنهار المفاوضات مجدداً، ما يهدد بجر إسرائيل والولايات المتحدة إلى عمل عسكري جديد خلال أشهر.
يُقترح أن يكون المخرج هو موقف أميركي أكثر مرونة يقبل تخصيباً محدوداً تحت رقابة صارمة، مماثل لخطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015، مع القدرة على استئناف الهجمات عند الضرورة لضمان الشفافية ومنع إيران من تطوير أسلحة نووية.
ويؤكد بريدي أن هذا الخيار مؤسف للولايات المتحدة، لكنه يتيح لإيران ورقة مساومة هامة، كما يمكن أن يكون تدبيراً مؤقتاً قبل تأسيس هيئة تخصيب إقليمية، كما ورد في الاقتراح الأميركي الأخير.
ويختم بريدي بأن ترامب أمام خيار بين التخلي عن كبريائه وقبول اتفاق نووي متوازن، أو الانزلاق إلى سيناريو عمل عسكري متكرر، في وقت يظهر فيه استطلاع رأي أن غالبية الأميركيين، بمن فيهم جزء من الجمهوريين، يعارضون العمل العسكري ضد إيران.
ويحذر التقرير من أن المواجهات العسكرية المتكررة قد تؤدي إلى مشاكل سياسية كبيرة للرئيس ترامب وحزبه قبل الانتخابات المقبلة.