دعا شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز، الشيخ سامي أبي المنى، إلى مواجهة محاولات تشويه الهوية التاريخية للمسلمين الموحدين الدروز، مؤكداً على أهمية الثوابت الوجودية عقائدياً واجتماعياً ووطنياً، مهما تبدّلت الأحوال وانتصرت المخططات.
وجاءت تصريحات الشيخ أبي المنى خلال رعايته مراسم مصالحة عائلية بين عائلتي زيدان وخداج في بلدة رويسة البلوط (قضاء بعبدا)، حيث تمّ التوقيع على اتفاقية المصالحة لإنهاء خلاف استمر نحو 19 عاماً.
وشارك في الحفل عدد كبير من المشايخ وفاعليات سياسية واجتماعية من مختلف الأطياف، منهم النائب هادي أبو الحسن عن اللقاء الديمقراطي، ومدير الداخلية في الحزب الديمقراطي لواء جابر، ووفود من الحزب التقدمي الاشتراكي والحزب السوري القومي الاجتماعي، إلى جانب رؤساء بلديات ومخاتير وأهالي البلدة.
افتتح اللقاء باستقبال العائلتين وتبادل التحيات، ثم أُلقي النشيد الوطني اللبناني، تلاه كلمات تعريفية لكل من الشيخ رفعت عفيف زيدان، والكاتب العدل وديع أبو نصار، والشاعر عادل خداج. واختتم اللقاء بكلمة الشيخ أبي المنى التي أشار فيها إلى أن المصالحة تعيد الروح إلى النفوس وتنهي صفحة الألم والخلاف.
وقال الشيخ أبي المنى: "نلتقي اليوم لنطوي صفحة الرمادية التي لا تعبّر عن حقيقة رويسة البلوط، ونفتح صفحة بيضاء للود والتسامح والمغفرة، معربين عن إيماننا بأن لبنان قوي ومصان بتضامن قواه الوطنية وعائلاته الروحية، والشراكة الوطنية هي أقوى سلاح يجب أن يتمسك به الشعب لا غير".
وشدّد الشيخ على أن المصالحة لم تكن لتتم لولا عناية الله ودعم المشايخ والقيادات السياسية، لافتاً إلى دور الزعيم وليد جنبلاط والأمير طلال أرسلان ومشايخ الطائفة في إنجاح هذا اللقاء. كما أكد على أهمية العفو والاستغفار كأساس لتجاوز الخلافات، مستشهداً بالقصص الدينية التي تحث على العفو والتسامح.
وأضاف: "نحن اليوم في مدرسة العفو والمصالحة، ورويسة البلوط تعلن صوت المحبة والسلام، ونأمل أن تكون هذه الخطوة نموذجاً يحتذى به في بقية القرى والعائلات اللبنانية".
وختم الشيخ أبي المنى بالثناء على الحضور، مؤكداً أن هذه المصالحة تُثلج قلوب الموحدين الدروز وتشكل صفحة مشرقة في تاريخ المتن، داعياً الجميع إلى التمسك بالوحدة الوطنية والتآخي.
تشكل المصالحات العائلية والمذهبية في لبنان جزءاً مهماً من الحفاظ على التوازن الوطني والاجتماعي، خاصة في ظل التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجه البلاد. وتأتي هذه المصالحة في رويسة البلوط كخطوة لتعزيز وحدة المجتمع الدرزي والتأكيد على أهمية التكاتف الوطني بين مختلف الأطياف السياسية والاجتماعية، خصوصاً بعد فترة شهدت فيها البلاد توترات متعددة.
مواقف قيادات الطائفة وبدعم من القوى السياسية الرئيسية، تعكس الرغبة في تجاوز الخلافات القديمة والتوجه نحو بناء مستقبل أكثر استقراراً وتعاوناً، حيث يمثل التعايش السلمي والمصالحة عناصر أساسية للحفاظ على نسيج لبنان الاجتماعي.