"ليبانون ديبايت"
في خضم الضجيج السياسي الذي أثاره رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع حول آلية الرد اللبناني على ورقة المبعوث الأميركي توم باراك، جاء رد رئيس الحكومة نواف سلام حاسمًا، واضعًا الأمور في نصابها الدستوري والسياسي، ورافضًا محاولات البعض تحويل ملف بحجم الأمن الوطني إلى مادة للمزايدة الحزبية أو الشعبوية.
جعجع، الذي اعتاد إطلاق المواقف المتشددة ثم تحميل الآخرين مسؤولية ما سماه "الارتباطات الخارجية والعنتريات"، اختار هذه المرة أن يطعن بشرعية الرد اللبناني عبر التشكيك بدستوريته، متناسيًا أن حكومات شاركت فيها القوات نفسها كثيرًا ما سلكت في ملفات مماثلة المسار ذاته من التنسيق بين الرؤساء، دون أن تعتبر ذلك خرقًا للنصوص.
رئيس الحكومة نواف سلام، وفي موقف واضح عقب لقائه المبعوث الأميركي توم باراك، شدد على أن مسار التفاوض مع الولايات المتحدة يجري ضمن الأطر الدستورية، مشيرًا إلى أن "لا ترويكا ولا أي صيغة أخرى تتحكم في هذا المسار"، وأن الحكومة اللبنانية لا تقبل بأن يزايد عليها أحد في هذا المجال.
وقال سلام إن الرد اللبناني الذي سلّم إلى باراك أتى نتيجة تنسيق كامل بين كل المراجع الدستورية والسياسية، بما في ذلك رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب ورئاسة الحكومة، مؤكدًا أن "هذا الملف وطني بامتياز ويدار بروح من المسؤولية، وليس انطلاقًا من حسابات فئوية أو إعلامية".
تصريحات سلام جاءت ردًا مباشرًا على بيان حاد اللهجة أصدره جعجع، اعتبر فيه أن الرد على الورقة الأميركية لا يكتسب الصفة الدستورية إلا إذا أقرّه مجلس الوزراء مجتمعًا وفق المادة 65 من الدستور، ملوحًا بأن أي رد آخر هو "رد غير قانوني".
جعجع هاجم أيضًا ما سماه "الرد الثلاثي" الذي شارك في صياغته الرؤساء الثلاثة، معتبرًا أن هذه الصيغة تفتقر لأي أساس دستوري ولا تمنح الرد شرعية قانونية، قبل أن يعود ليحمّل حزب الله مسؤولية ما وصفه بـ"الارتباطات الخارجية" والخسائر التي لحقت بلبنان عبر العقود.
في المقابل، رأى سلام أن المزايدات الداخلية لا تخدم مصلحة لبنان في هذا الظرف الدقيق الذي يواجه فيه خطرًا وجوديًا متمثلًا بالتصعيد الإسرائيلي، قائلًا: "المرجعية السياسية والدستورية هي لمجلس الوزراء حتمًا، لكن لا يمكن في كل استحقاق أن نحوله إلى ساحة لتصفية الحسابات".
ولفت سلام إلى أن البيان الوزاري الذي نالت على أساسه الحكومة الثقة واضح في تأكيده على احترام اتفاق الطائف، ورفض الانفراد في القرارات السيادية، و"هذا البيان وافق عليه الجميع بمن فيهم ممثلو القوات اللبنانية".
يُذكر أن ورقة باراك المطروحة تتضمن مقترحات لإعادة تثبيت التهدئة في الجنوب، والتقدم بخطوات على مسار حصرية السلاح بيد الدولة، بالتوازي مع التزامات دولية لدعم لبنان سياسيًا واقتصاديًا.