المحلية

الأربعاء 16 تموز 2025 - 07:08

تسوية برعاية اميركية: تسليم سلاح الحزب خلال 3 سنوات مقابل مواقع في السلطة

تسوية برعاية اميركية: تسليم سلاح الحزب خلال 3 سنوات مقابل مواقع في السلطة

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح


في الكواليس السياسية، تدور نقاشات محاطة بالكتمان، بعضها مباشر مع حزب الله، وأخرى تجري مع رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، تحت عنوان رئيسي: البحث عن آلية لتسليم الحزب لسلاحه، ضمن تسوية شاملة.


يقود هذا المسار نائب بقاعي صاحب علاقات متينة مع مراكز القرار في واشنطن. ووفق معلومات "ليبانون ديبايت"، يتحرك هذا النائب ضمن مبادرة شخصية غير رسمية، يسعى من خلالها إلى بناء تفاهمات بين الدولة اللبنانية وحزب الله، تتيح دمج الأخير في الدولة مقابل خطوات متدرجة، تبدأ بتسليم سلاحه وتنتهي بضمانات داخلية وخارجية. إلا أن أي اتفاق، بحسب مصادر داعمي المقترح، يحتاج إلى توافر شروط دقيقة، أبرزها وجود ضمانات مكتوبة، لا مجرّد وعود شفهية، من الولايات المتحدة وإسرائيل على السواء وهو ما لم يتوافر بعد لاسيما وأن تل بيب ماضية في مشروعها لــ"تغيير وجه الشرق الأوسط".


جولات تمهيدية: من بيروت إلى واشنطن

قبل سفره إلى واشنطن، عقد النائب عدة لقاءات تمهيدية، أبرزها مع أحد النواب البارزين في حزب الله، إضافة إلى لقائين مع الرئيسين عون وبري، عرض خلالهما ملامح المقترح. ويُقال إنه نال دعمهما المبدئي، ما شجّعه على نقله إلى الجانب الأميركي. بعد عودته من العاصمة الأميركية، أجرى سلسلة لقاءات جديدة، أطلع فيها الرئيسين عون وبري على نتائج الزيارة. تلقى ضوء أخضر لمتابعة مسعاه، فعاود التواصل مع حزب الله لمناقشة التفاصيل، حيث لمس تجاوباً حذرًاً عبّر عنه انفتاح غير مسبوق على مناقشة المسائل التفصيلية.


في واشنطن: تواصل وتفويض

زار النائب البيت الأبيض وإلتقى هناك بمسؤولين في ادارة دونالد ترمب، كذلك في وزارة الخارجية، والتقى ايضاً أعضاء في لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس، قبل أن يجتمع في نهاية المطاف بالمندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة، السفيرة السابقة في بيروت دوروثي شيا، التي قيل إنها فوّضت من إدارتها التنسيق المباشر معه.


لاحقاً، تواصلت شيا مع السفارة الأميركية في بيروت، التي أُبلغت بفحوى المقترح، بوصفه مبادرة فردية قدمها نائب لبناني، حظيت باهتمام أميركي دون أن تتبنّاها واشنطن رسمياً، ما عُدّ فصلاً بين هذه المبادرة وبين المسار الرسمي الذي تتابعه الإدارة الأميركية عبر مبعوثها المؤقت توم باراك.


ثلاث سنوات على مبدأ "رقصة التناغو"

ينص المقترح على اتفاق لبناني – أميركي يُنفذ على ثلاث سنوات، يتضمّن جدولاً زمنياً لتسليم حزب الله سلاحه على مراحل، مقابل التزام أميركي بوقف الضربات الإسرائيلية والاغتيالات ضد الحزب على كامل الأراضي اللبنانية. تبدأ العملية بتسليم تدريجي لأجزاء من الترسانة التي قال توم باراك أنها تستهدف السلاح الذي يُشكّل تهديداً مباشراً لإسرائيل.


المقترح يُقسم إلى ست خطوات، كل منها تمتد لستة أشهر، وفق مبدأ "خطوة مقابل خطوة" أو ما اصطلح تسميته بـ"رقصة التناغو"، يكون فيها حزب الله مبادراً، وتردّ إسرائيل بإجراءات مقابلة - متزامنة، مثل الانسحاب من مواقع تحتلها، إطلاق أسرى، فك قيود على ملف الإعمار، أو فتح باب العودة إلى القرى الحدودية.


وتُحدد المراحل الثلاث جغرافياً:


1. المرحلة الأولى وتتم على دفعات: تسليم السلاح في المنطقة الواقعة ما بين شمال الليطاني وجنوب نهر الأولي والتي تعتبر إسرائيل أنها تشمل ترسانة مركزية للحزب.

​2.​المرحلة الثانية على دفعات وتشمل أيضاً الضاحية الجنوبية، حيث تزعم تل أبيب إمتلاك الحزب فيها لمصانع ومنشآت.

​3.​المرحلة الثالثة على دفعات أيضاً، وتشمل البقاع إذ تزعم تل أبيب أن الحزب يخفي فيها ترسانته الصاروخية الاساسية.


المهلة الأخيرة من الجدول الزمني تبقى معلّقة إلى حين تنفيذ كافة البنود، والإفساح في المجال لمفاوضات سياسية داخلية حول شكل التسوية النهائية.


ضمانات… ومخاوف

في المقابل، يزعم من يعمل على الملف أنه لا يتوقع من الحزب أن يسلّم سلاحه مجاناً. تؤكد مصادر أن واشنطن أبدت استعدادها لضمان عدم التعرّض للحزب خلال تنفيذ الاتفاق، لكن حزب الله، رغم انفتاحه النسبي على النقاش، لا يزال يشكّك تقليدياً في صدقية الضمانات الأميركية، مدفوعاً بتجارب سابقة.


لكن ما يشجّع المفاوض اللبناني على المتابعة هو ملاحظة تطور نسبي دخل على خطاب الحزب، خصوصاً بعد تولّي الشيخ نعيم قاسم منصب الأمين العام، ما يُظهر –وفق المصادر– مقاربة جديدة أكثر واقعية للمرحلة.


من الأمن إلى السياسة: صيغة حكم جديدة؟

يرى أصحاب المقترح أن التفاهم لا يجب أن يقتصر على ضمانة أمنية، بل يجب أن يتوسّع نحو تفاهم سياسي شامل يُعيد توزيع الصلاحيات في النظام اللبناني، بشكل يُعزز موقع الطائفة الشيعية. ويجري تداول فكرة استحداث منصب "نائب رئيس الجمهورية" للطائفة الشيعية، يتمتع بصلاحيات تنفيذية واضحة، مع احتفاظها برئاسة مجلس النواب، وربما بامتيازات إضافية تتجاوز وزارة المالية.


ورغم رفض مصادر المبادرة توصيف الطرح بـ"المثالثة"، إلا أنها تعتبره "صيغة شراكة سياسية موسعة"، يُفترض أن تُناقش بهدوء مع باقي المكونات.


عوائق متوقعة: السنّة، اتفاق الطائف، والسعودية

فتح هذا الباب قد يُطلق نقاشاً عميقاً حول موقع اتفاق الطائف وصلاحيات الطوائف. فإعطاء موقع سياسي تنفيذي جديد للطائفة الشيعية قد يُفسّر كاقتطاع مباشر من صلاحيات رئيس الحكومة السُني، ما يُرجّح اعتراضاً سنّياً قوياً، لا سيّما في ظل ما تعتبره هذه الطائفة أن التطورات في المنطقة تميل إلى مصلحتها.


كما أن أي مساس بصيغة الطائف قد يتطلب موافقة سعودية، كون المملكة الراعي التاريخي للاتفاق، ما يضع المقترح في مواجهة تحدٍ إضافي، ويفتح على مطالبة الطوائف الأخرى باستكمال البنود المهملة من الطائف، مثل إنشاء مجلس الشيوخ - وهو مطلب درزي تاريخي.


لا قرار بعد… لكن "النقاش بدأ"

بحسب مطلعين على المفاوضات، فإن حزب الله لم يُقر بعد بمبدأ تسليم سلاحه، لكنه للمرة الأولى يُبدي انفتاحاً على نقاش جدّي حول الفكرة. ومع أن الأميركيين لا يتوقعون تسليماً فعلياً للسلاح في المدى المنظور، وهو ما يتوافق مع رأي مقرّبين من الحزب. رغم ذلك، ما زال الرهان قائماً على إحداث خرق ما. في الموازاة تعمل واشنطن وفق الأجندة التي عبّر عنها مبعوثها توم باراك، والقائمة على التحذير من الحرب الأهلية، ما يوصف بأنه دفع لخلق جو داخلي يفضي في نهاية المطاف إلى نزع الشرعية التي يتسلّح بها حزب الله لتأمين سلاحه.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة