"ليبانون ديبايت"
في مقاربته للتطورات العسكرية في السويداء، وعلى الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار وبدء انسحاب الجيش السوري منها، لا يرى الخبير الإستراتيجي العميد المتقاعد ناجي ملاعب أي استقرار في المشهد الميداني على المدى الطويل، معتبراً أن الإستقرار معرّض في أي لحظة للتخريب من قبل إسرائيل التي تخرِّب كل مسعى لقيام الدولة في سوريا.
وفي حديثٍ لـ"ليبانون ديبايت"، يشير العميد ملاعب إلى تقرير نشره معهد "كارنيغي للأبحاث" مطلع الشهر الحالي تحت عنوان "سوريا... حدود بلا دولة"، ويخلص إلى أن لا مجال لقيام الدولة في سوريا من دون توافق دول المنطقة، لأن تركيا لها وجود في سوريا، وإيران لم تسحب يدها بعد بانتظار ما ستنتهي إليه مباحثاتها مع الولايات المتحدة، حيث من المحتمل أن تعيد تنشيط أذرعها في المنطقة في حال لمست تصلّباً أميركياً في هذه المباحثات.
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة هي من رَعَت الإنتقال السياسي في سوريا، يكشف ملاعب أنها "ترغب في أن تكون استثمارات أميركية ومصالح جيو ـ سياسية في المنطقة ككل تحت المظلة الأميركية، وذلك من دون تغييرٍ للحدود.
ويتابع ملاعب أنه عندما أعلنت إسرائيل في العام 2018 يهودية الدولة، كانت تخطِّط لأن يكون المواطن غير اليهودي في إسرائيل "غير مرغوب فيه"، وهذا ما حدا إلى مدّ جدار بين الجنوب السوري والجولان المحتل، حيث استقبلت إسرائيل الكثير من جرحى المعارضة، وفتحت هذا الحزام الأمني حتى تقيم صلةً ما بين دروز مجدل شمس والجولان ودروز السويداء الذين تعرّضوا في العهد السابق والعهد الحالي للكثير من المضايقات.
في المقابل، يلفت ملاعب إلى التعامل السيء لجبهة "النصرة" التي تسلّمت السلطة حالياً بإسم "هيئة تحرير الشام" مع 4 قرى في منطقة إدلب من الطائفة الدرزية، وهو ما دفع دروز السويداء إلى الخشية من تعرّضهم لمعاملة مشابهة، فقرّروا الإحتفاظ بأسلحتهم، فيما برز موقف إسرائيلي رافض لاستهداف دروز السويداء، ما شكّل عاملاً لدخول إسرائيل عسكرياً إلى المنطقة حيث هناك من استجاب لهذه الحماية الإسرائيلية.
وبحسب ملاعب، فإن الأمر ازداد سوءاً بسبب ما حصل في جرمانا وصحنايا من تعدٍّ على الدروز، والذي دفع شيخ العقل حكمت الهجري إلى طلب الحماية الدولية، فكانت إسرائيل الأقرب لتقديم هذه الحماية، مع العلم أن هذه الدعوة مُستهجنة وقصيرة النظر ولا تؤدي إلى نتيجة.
وفي هذا المجال، يشدّد ملاعب على العمق العربي والخيار العربي، معتبراً أنهم أحفاد سلطان باشا الأطرش الذي قاوم الفرنسيين ووحّد سوريا، وهي السردية التاريخية التي يحتفظ بها وليد جنبلاط الذي يقول دائماً بأن "من يحمي الدروز هو الدولة السورية مهما بدر منها من ظلم".
وهنا، يتحدث ملاعب عن مقولة لدى الدروز هي "الأرض والعرض"، بمعنى أنه "ممنوع التعدي على الأعراض وممنوع التعدي على الأرض، ولذلك اختاروا البقاء في أرضهم في فلسطين المحتلة تحت السلطة الإسرائيلية، وأرغموا على دخول الجيش الإسرائيلي ولكنهم بقيوا في أرضهم، وما يحصل اليوم هو صراع ما بين جماعة قبلت الحماية الإسرائيلية من دون أن تعلن عن نفسها وبحجة الحماية الدولية، وبين ناس استجابوا لمطالب السلطة ودعموا وتعاونوا مع الدولة.
ويُعرب ملاعب عن أسفه لأن السلطة في سوريا لم يُسمح لها حتى الآن بأن تسيطر على كامل الأراضي السورية، فيما يبدو أنها ضمّت تحت جناحها جماعات متطرّفة إسلامية وأشخاصاً موتورين اعتدوا على المواطنين في السويداء، وواجههم أشخاص مصرّون على منع تسليم السلاح للدولة وعدم الإنخراط فيها طالما أنها تتصرف معهم بهذه الطريقة.
ويخلص ملاعب إلى أن "الموضوع معقّد جداً والعنوان الأساسي في هذه المرحلة هو بقاء اللاإستقرار، أي أن سوريا لن تنعم بالإستقرار راهناً".